responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 393
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ، يُسْقَطُ عَنِ الْمُقْتَصِّ لَهُ قَدْرُ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ، وَيَجِبُ الْبَاقِي فِي مَالِهِ، قَالَهُ ابْنُ كَثِيرٍ.
وَالْحُقُّ أَنَّ سِرَايَةَ الْقَوَدِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، لِأَنَّ مَنْ قَتَلَهُ الْقَوَدُ، قَتَلَهُ الْحَقُّ، كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَغَيْرِهِمَا، بِخِلَافِ سِرَايَةِ الْجِنَايَةِ، فَهِيَ مَضْمُونَةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ جِدًّا.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا تُؤْخَذُ عَيْنٌ، وَلَا أُذُنٌ، وَلَا يَدٌ يُسْرَى بِيُمْنَى، وَلَا عَكْسُ ذَلِكَ، لِوُجُوبِ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ فِي الْقِصَاصِ، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَشَرِيكٍ أَنَّهُمَا قَالَا: بِأَنَّ إِحْدَاهُمَا تُؤْخَذُ بِالْأُخْرَى، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ تَأْخِيرُ الْقِصَاصِ فِي الْجِرَاحِ حَتَّى تَنْدَمِلَ جِرَاحَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنِ اقْتَصَّ مِنْهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، ثُمَّ زَادَ جُرْحُهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ، مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَجُلًا طَعَنَ رَجُلًا بِقَرْنٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَجَاءَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَقِدْنِي، فَقَالَ: «حَتَّى تَبْرَأَ» ، ثُمَّ جَاءَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَقِدْنِي، فَأَقَادَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَرِجْتُ، فَقَالَ: «قَدْ نَهَيْتُكَ فَعَصَيْتَنِي، فَأَبْعَدَكَ اللَّهُ وَبَطَلَ عَرَجُكَ» ، ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ جُرْحٍ قَبْلَ أَنْ يَبْرَأَ صَاحِبُهُ، تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ، قَالَهُ ابْنُ كَثِيرٍ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِجَوَازِ تَعْجِيلِ الْقِصَاصِ قَبْلَ الْبُرْءِ، وَقَدْ عَرَفْتَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْمَذْكُورِ آنِفًا، أَنَّ سِرَايَةَ الْجِنَايَةِ بَعْدَ الْقِصَاصِ هَدَرٌ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَيْسَتْ هَدَرًا، بَلْ هِيَ مَضْمُونَةٌ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمَا - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّهُ اسْتَعْجَلَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِعْجَالُهُ، فَأَبْطَلَ الشَّارِعُ حَقَّهُ.

وَإِذَا عَرَفْتَ مِمَّا ذَكَرْنَا تَفْصِيلَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ الْآيَةَ. فَاعْلَمْ أَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ: أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ [5 \ 32] ، هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ [5 \ 33] .
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ: الْمُحَارَبَةُ هِيَ الْمُخَالَفَةُ وَالْمُضَادَّةُ، وَهِيَ صَادِقَةٌ عَلَى الْكُفْرِ، وَعَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَإِخَافَةِ السَّبِيلِ، وَكَذَا الْإِفْسَادُ فِي الْأَرْضِ، يُطْلَقُ عَلَى أَنْوَاعٍ

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 393
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست