responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 380
حَيْثُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ» ، الْحَدِيثَ.
وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، حَيْثُ قَالَ: بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ، إِلَى قَوْلِهِ: فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمُتَقَدِّمَ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْآيَةِ مُطَابَقَتُهَا لِلَفْظِ الْحَدِيثِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهَا وَإِنْ وَرَدَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، فَالْحُكْمُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ مُسْتَمِرٌّ فِي شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، فَهُوَ أَصْلٌ فِي الْقِصَاصِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ ; وَيَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» ، أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ «بِكِتَابِ اللَّهِ» قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا، وَعَلَى بَقِيَّةِ الْأَقْوَالِ فَلَا دَلِيلَ فِي الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَزَلِ الْعُلَمَاءُ يَأْخُذُونَ الْأَحْكَامَ مِنْ قِصَصِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، كَمَا أَوْضَحْنَا دَلِيلَهُ.
فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ: إِنَّ الْقَرِينَةَ الْجَازِمَةَ رُبَّمَا قَامَتْ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ، مُسْتَدِلِّينَ عَلَى ذَلِكَ بِجَعْلِ شَاهِدِ يُوسُفَ شَقَّ قَمِيصِهِ مِنْ دُبُرٍ قَرِينَةً عَلَى صِدْقِهِ، وَكَذِبِ الْمَرْأَةِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ الْآيَةَ [12 \ 26، 27، 28] ، فَذِكْرُهُ تَعَالَى لِهَذَا مُقَرِّرًا لَهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِهِ، وَمِنْ هُنَا أَوْجَبَ مَالِكٌ حَدَّ الْخَمْرِ عَلَى مَنِ اسْتَنْكَهَ فَشُمَّ فِي فِيهِ رِيحُ الْخَمْرِ، لِأَنَّ رِيحَهَا فِي فِيهِ قَرِينَةٌ عَلَى شُرْبِهِ إِيَّاهَا.
وَأَجَازَ الْعُلَمَاءُ لِلرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهَا فَتَزُفُّهَا إِلَيْهِ وَلَائِدُ، لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِنَّ أَمْرٌ أَنْ يُجَامِعَهَا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى عَيْنِهَا أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ، وَتَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْبَيِّنَةِ.
وَكَذَلِكَ الضَّيْفُ يَنْزِلُ بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَيَأْتِيهِ الصَّبِيُّ، أَوِ الْوَلِيدَةُ بِطَعَامٍ، فَيُبَاحُ لَهُ أَكْلُهُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى إِذَنْ أَهْلِ الطَّعَامِ لَهُ فِي الْأَكْلِ، اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ.
وَأَخَذَ الْمَالِكِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ إِبْطَالَ الْقَرِينَةِ بِقَرِينَةٍ أَقْوَى مِنْهَا، مِنْ أَنَّ أَوْلَادَ يَعْقُوبَ لَمَّا جَعَلُوا يُوسُفَ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ، جَعَلُوا عَلَى قَمِيصِهِ دَمَ سَخْلَةٍ، لِيَكُونَ الدَّمُ عَلَى قَمِيصِهِ قَرِينَةً عَلَى صِدْقِهِمْ فِي أَنَّهُ أَكَلَهُ الذِّئْبُ، فَأَبْطَلَهَا يَعْقُوبُ بِقَرِينَةٍ أَقْوَى مِنْهَا، وَهِيَ عَدَمُ شَقِّ

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 380
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست