responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 254
الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ كَانَ غَالِبُ أَسْفَارِهِمْ مَخُوفَةً.
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، أَنَّ مِنَ الْمَوَانِعِ لِاعْتِبَارِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ خُرُوجُ الْمَنْطُوقِ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَلِذَا لَمْ يَعْتَبِرِ الْجُمْهُورُ مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ فِي قَوْلِهِ: اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ [4 \ 23] ; لِجَرَيَانِهِ عَلَى الْغَالِبِ.
قَالَ فِي «مَرَاقِي السُّعُودِ» : فِي ذِكْرِ مَوَانِعِ اعْتِبَارِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ: [الرَّجَزُ]
أَوْ جَهِلَ الْحُكْمَ أَوِ النُّطْقَ انْجَلَبْ ... لِلسُّؤْلِ أَوْ جَرَى عَلَى الَّذِي غَلَبْ
وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ قَصْرُ الرُّبَاعِيَّةِ فِي السَّفَرِ بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ» ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ، قَالَ: عَجِبْتُ مَا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» .
فَهَذَا الْحَدِيثُ الثَّابِتُ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» ، وَغَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ، وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ قَصْرُ الرُّبَاعِيَّةِ فِي السَّفَرِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّ عُمَرَ عَلَى فَهْمِهِ لِذَلِكَ، وَهُوَ دَلِيلٌ قَوِيٌّ، وَلَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ مِنْ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمَانِ.
وَظَاهِرُ الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ قَصْرَ الْكَيْفِيَّةِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، كَمَا قَدَّمْنَا، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَهَيْئَاتُ صَلَاةِ الْخَوْفِ كَثِيرَةٌ، فَإِنَّ الْعَدُوَّ تَارَةً يَكُونُ إِلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَتَارَةً إِلَى غَيْرِهَا، وَالصَّلَاةُ قَدْ تَكُونُ رُبَاعِيَّةً، وَقَدْ تَكُونُ ثُلَاثِيَّةً، وَقَدْ تَكُونُ ثُنَائِيَّةً، ثُمَّ تَارَةً يُصَلُّونَ جَمَاعَةً، وَتَارَةً يَلْتَحِمُ الْقِتَالُ، فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْجَمَاعَةِ بَلْ يُصَلُّونَ فُرَادَى رِجَالًا، وَرُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا، وَكُلُّ هَيْئَاتِ صَلَاةِ الْخَوْفِ الْوَارِدَةِ فِي الصَّحِيحِ جَائِزَةٌ، وَهَيْئَاتُهَا، وَكَيْفِيَّاتُهَا مُفَصَّلَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْفُرُوعِ، وَسَنَذْكُرُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ مِنْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
أَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، فَالصُّورَةُ الَّتِي أَخَذَ بِهَا مِنْهَا هِيَ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى تُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فِي الثُّنَائِيَّةِ، وَرَكْعَتَيْنِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ، ثُمَّ تُتِمُّ بَاقِيَ الصَّلَاةِ، وَهُوَ اثْنَتَانِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الثُّنَائِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ، ثُمَّ يُسَلِّمُونَ وَيَقِفُونَ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَتَأَتِي

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 254
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست