responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 248
تَنْبِيهٌ
يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى، أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ لَا فَرْضُ عَيْنٍ ; لِأَنَّ الْقَاعِدِينَ لَوْ كَانُوا تَارِكِينَ فَرْضًا لَمَا نَاسَبَ ذَلِكَ وَعْدَهُ لَهُمُ الصَّادِقَ بِالْحُسْنَى ; وَهِيَ الْجَنَّةُ وَالثَّوَابُ الْجَزِيلُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا
الْآيَةَ.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ بِالْقَصْرِ فِي قَوْلِهِ: أَنْ تَقْصُرُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَصْرُ كَيْفِيَّتِهَا لَا كَمِّيَّتِهَا، وَمَعْنَى قَصْرِ كَيْفِيَّتِهَا أَنْ يَجُوزَ فِيهَا مِنَ الْأُمُورِ مَا لَا يَجُوزُ فِي صَلَاةِ الْأَمْنِ، كَأَنْ يُصَلِّيَ بَعْضُهُمْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَاحِدَةً، وَيَقِفُ الْإِمَامُ حَتَّى يَأْتِيَ الْبَعْضُ الْآخَرُ فَيُصَلِّي مَعَهُمُ الرَّكْعَةَ الْأُخْرَى، وَكَصَلَاتِهِمْ إِيمَاءً رِجَالًا وَرُكْبَانًا وَغَيْرَ مُتَوَجِّهِينَ إِلَى الْقِبْلَةِ، فَكُلُّ هَذَا مِنْ قَصْرِ كَيْفِيَّتِهَا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ هَذَا الْقَصْرُ مِنْ كَيْفِيَّتِهَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى بَعْدَهُ يَلِيهِ مُبَيِّنًا لَهُ: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ الْآيَةَ [4 \ 102] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [2 \ 239] ، وَيَزِيدُهُ إِيضَاحًا أَنَّهُ قَالَ هُنَا: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ [4] ، وَقَالَ فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ: فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ [2 \ 239] ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَأَتِمُّوا كَيْفِيَّتَهَا بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَجَمِيعِ مَا يَلْزَمُ فِيهَا مِمَّا يَتَعَذَّرُ وَقْتَ الْخَوْفِ.
وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ الَّذِي دَلَّ لَهُ الْقُرْآنُ فَشَرْطُ الْخَوْفِ فِي قَوْلِهِ: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [4 \ 101] ، مُعْتَبَرٌ أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَخَافُوا مِنْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكُمْ فَلَا تَقْصُرُوا مِنْ كَيْفِيَّتِهَا، بَلْ صَلُّوهَا عَلَى أَكْمَلِ الْهَيْئَاتِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ [4] ، وَصَرَّحَ بِاشْتِرَاطِ الْخَوْفِ أَيْضًا لِقَصْرِ كَيْفِيَّتِهَا بِأَنْ يُصَلِّيَهَا الْمَاشِي وَالرَّاكِبُ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا، ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ الْآيَةَ يَعْنِي: فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَأَقِيمُوا صَلَاتَكُمْ كَمَا أَمَرْتُكُمْ بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، وَقِيَامِهَا وَقُعُودِهَا عَلَى أَكْمَلِ هَيْئَةٍ وَأَتَمِّهَا، وَخَيْرُ مَا يُبَيِّنُ الْقُرْآنَ الْقُرْآنُ،

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 248
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست