responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 208
وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّهُ هَزِيمَةُ الْمُشْرِكِينَ أَوَّلًا يَوْمَ أُحُدٍ، كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى الْقَرْحَيْنِ مَعًا بِقَوْلِهِ: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا [3 \ 165] ، فَالْمُرَادُ بِمُصِيبَةِ الْمُسْلِمِينَ الْقَرْحُ الَّذِي مَسَّهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ، وَالْمُرَادُ بِمُصِيبَةِ الْكُفَّارِ بِمِثْلَيْهَا قَبْلَ الْقَرْحِ الَّذِي مَسَّهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ ; لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ قُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ، وَالْكُفَّارُ يَوْمَ بَدْرٍ قُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ، وَأُسِرَ سَبْعُونَ.
وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُصِيبَةَ الَّتِي أَصَابَتِ الْمُشْرِكِينَ هِيَ مَا أَصَابَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْ قَتْلٍ وَهَزِيمَةٍ، حَيْثُ قُتِلَ حَمَلَةُ اللِّوَاءِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ هَزِيمَةً مُنْكَرَةً، وَبَقِيَ لِوَاؤُهُمْ سَاقِطًا حَتَّى رَفَعَتْهُ عَمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْحَارِثِيَّةُ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ حَسَّانُ: [الطَّوِيلِ]
فَلَوْلَا لِوَاءُ الْحَارِثِيَّةِ أَصْبَحُوا ... يُبَاعُونَ فِي الْأَسْوَاقِ بَيْعَ الْجَلَائِبِ
وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ: فَالْقَرْحُ الَّذِي أَصَابَ الْقَوْمَ الْمُشْرِكِينَ يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ الْآيَةَ [3 \ 152] . وَمَعْنَى تَحُسُّونَهُمْ: تَقْتُلُونَهُمْ، وَتَسْتَأْصِلُونَهُمْ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْحِسِّ الَّذِي هُوَ الْإِدْرَاكُ بِالْحَاسَّةِ، فَمَعْنَى حَسَّهُ أَذْهَبَ حِسَّهُ بِالْقَتْلِ، وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
[الْوَافِرِ]
تَحُسُّهُمُ السُّيُوفُ كَمَا تَسَامَى ... حَرِيقُ النَّارِ فِي أَجَمِ الْحَصِيدِ
وَقَوْلُ الْآخَرِ: [الطَّوِيلِ]
حَسَسْنَاهُمْ بِالسَّيْفِ حَسًّا فَأَصْبَحَتْ ... بَقِيَّتُهُمْ قَدْ شَرَدُوا وَتَبَدَّدُوا
وَقَوْلُ رُؤْبَةَ: [الرَّجَزِ]
إِذَا شَكَوْنَا سَنَةً حَسُوسًا ... تَأْكُلُ بَعْدَ الْأَخْضَرِ الْيَبِيسَا
يَعْنِي بِالسَّنَةِ الْحَسُوسِ: السَّنَةَ الْمُجْدِبَةَ الَّتِي تَأْكُلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ الْآيَةَ قَدْ يَكُونُ فِيهَا احْتِمَالَانِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَشْهَدُ لَهُ قُرْآنٌ، وَكِلَاهُمَا حَقٌّ فَنَذْكُرُهُمَا مَعًا، وَمَا يَشْهَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَقَرِينَةُ السِّيَاقِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَرْحَ الَّذِي أَصَابَ الْمُشْرِكِينَ مَا وَقَعَ بِهِمْ يَوْمَ أُحُدٍ ; لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ وَلَكِنَّ التَّثْنِيَةَ فِي قَوْلِهِ: مِثْلَيْهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَرْحَ الَّذِي أَصَابَ الْمُشْرِكِينَ مَا وَقَعَ بِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّ الْكُفَّارَ يَوْمَ

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 208
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست