responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 187
نُزُولِهِ عَنْ صَدْرِ الْآيَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِشْهَادِ بَلْ وَرَدَا مَعًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ مَعًا جَمِيعًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمَّا قِيلَ لَهُ إِنَّ آيَةَ الدَّيْنِ مَنْسُوخَةٌ قَالَ: لَا وَاللَّهِ إِنَّ آيَةَ الدَّيْنِ مُحْكَمَةٌ لَيْسَ فِيهَا نَسْخٌ، قَالَ: وَالْإِشْهَادُ إِنَّمَا جُعِلَ لِلطُّمَأْنِينَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِتَوْثِيقِ الدَّيْنِ طُرُقًا مِنْهَا الْكِتَابُ، وَمِنْهَا الرَّهْنُ، وَمِنْهَا الْإِشْهَادُ، وَلَا خِلَافَ بَيْنِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ الرَّهْنَ مَشْرُوعٌ بِطَرِيقِ النَّدْبِ لَا بِطْرِيقَ الْوُجُوبِ، فَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ مِثْلُهُ فِي الْإِشْهَادِ، وَمَا زَالَ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ حَضَرًا وَسَفَرًا، وَبَرًّا وَبَحْرًا، وَسَهْلًا وَجَبَلًا مِنْ غَيْرِ إِشْهَادٍ، مَعَ عِلْمِ النَّاسِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. وَلَوْ وَجَبَ الْإِشْهَادُ مَا تَرَكُوا النَّكِيرَ عَلَى تَارِكِهِ، قُلْتُ: هَذَا كُلُّهُ اسْتِدْلَالٌ حَسَنٌ وَأَحْسَنُ مِنْهُ مَا جَاءَ فِي صَرِيحِ السُّنَّةِ فِي تَرْكِ الْإِشْهَادِ، وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: أَقْبَلْنَا فِي رَكْبٍ مِنَ الرَّبْذَةِ وَجَنُوبِ الرَّبْذَةِ حَتَّى نَزَلْنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ وَمَعَنَا ظَعِينَةٌ لَنَا، فَبَيْنَمَا نَحْنُ قُعُودٌ إِذْ أَتَانَا رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ فَسَلَّمَ فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ الْقَوْمُ؟» فَقُلْنَا: مِنَ الرَّبْذَةِ وَجَنُوبِ الرَّبْذَةِ، قَالَ: وَمَعَنَا جَمَلٌ أَحْمَرُ، فَقَالَ: «تَبِيعُونِي جَمَلَكُمْ هَذَا؟» فَقُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: «بِكُمْ؟» قُلْنَا: بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، قَالَ: فَمَا اسْتَوْضَعَنَا شَيْئًا، وَقَالَ: «قَدْ أَخَذْتُهُ» ، ثُمَّ أَخَذَ بِرَأْسِ الْجَمَلِ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَتَوَارَى عَنَّا فَتَلَاوَمْنَا بَيْنَنَا وَقُلْنَا: أَعْطَيْتُمْ جَمَلَكُمْ مَنْ لَا تَعْرِفُونَهُ، فَقَالَتِ الظَّعِينَةُ: لَا تَلَاوَمُوا فَقَدْ رَأَيْتُ وَجْهَ رَجُلٍ مَا كَانَ لِيَخْفِرَكُمْ مَا رَأَيْتُ وَجْهَ رَجُلٍ أَشْبَهَ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ مِنْ وَجْهِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشَاءُ أَتَانَا رَجُلٌ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْكُمْ وَإِنَّهُ أَمَرَكُمْ أَنَّ تَأْكُلُوا مِنْ هَذَا حَتَّى تَشْبَعُوا، وَتَكْتَالُوا، حَتَّى تَسْتَوْفُوا قَالَ: فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا، وَاكْتَلْنَا حَتَّى اسْتَوْفَيْنَا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّ عَمَّهُ حَدَّثَهُ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: فَطَفِقَ الْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ:
هَلُمَّ شَاهِدًا يَشْهَدُ أَنِّي بِعْتُكَ، قَالَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ بِعْتَهُ، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى خُزَيْمَةَ فَقَالَ: «بِمَ تَشْهَدُ؟» قَالَ: بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ مِنَ الْقُرْطُبِيِّ بِلَفْظِهِ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: وَفِيمَا نَقَلْنَا الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ الْإِشْهَادَ وَالْكِتَابَةَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِمَا لَا فَرْضَانِ وَاجِبَانِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ، وَلَمْ يُبَيِّنِ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَعْنِي: قَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ، اشْتِرَاطَ الْعَدَالَةِ فِي الشُّهُودِ،

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست