responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 185
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مَنْ أَدَانَ فَلْيَكْتُبْ وَمَنْ بَاعَ فَلْيُشْهِدْ. اهـ مِنَ الْقُرْطُبِيِّ وَسَيَأْتِي لَهُ زِيَادَةُ بَيَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَرِيبًا.
تَنْبِيهٌ:
أَخَذَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ الْآيَةَ. أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا إِلَّا فِي السَّفَرِ كَمَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ، وَدَاوُدُ وَالتَّحْقِيقُ جَوَازُهُ فِي الْحَضَرِ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» أَنَّهَا دِرْعٌ مِنْ حَدِيدٍ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَهَنَ دِرْعًا عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِالْمَدِينَةِ، وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لِأَهْلِهِ. وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ حَدِيثِ عَائِشَةَ فَدَلَّ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ، لَا مَفْهُومَ مُخَالَفَةٍ لَهُ ; لِأَنَّهُ جَرَى عَلَى الْأَمْرِ الْغَالِبِ، إِذِ الْغَالِبُ أَنَّ الْكَاتِبَ لَا يَتَعَذَّرُ فِي الْحَضَرِ وَإِنَّمَا يَتَعَذَّرُ غَالِبًا فِي السَّفَرِ، وَالْجَرْيُ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ مَوَانِعِ اعْتِبَارِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِرَارًا وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ، ظَاهِرُ هَذَا الْأَمْرِ الْوُجُوبُ أَيْضًا فَيَجِبُ عَلَى مَنْ بَاعَ أَنْ يُشْهِدَ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَالضَّحَّاكُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَطَاءٌ، وَإِبْرَاهِيمُ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَانْتَصَرَ لَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ غَايَةَ الِانْتِصَارِ، وَصَرَّحَ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يُشْهِدْ مُخَالِفٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْمُبَايَعَةِ وَكِتَابِ الدَّيْنِ أَمْرٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لَا وَاجِبٌ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا الْآيَةَ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيِّ: إِنَّ هَذَا قَوْلُ الْكَافَّةِ قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَمْ يُحْكَ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ إِلَّا الضَّحَّاكُ قَالَ: وَقَدْ بَاعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَتَبَ قَالَ: وَنُسْخَةُ كِتَابِهِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا اشْتَرَى الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً لَا دَاءَ، وَلَا غَائِلَةَ، وَلَا خِبْثَةَ، بَيْعُ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ» . وَقَدْ بَاعَ وَلَمْ يُشْهِدْ، وَاشْتَرَى وَرَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ وَلَمْ يُشْهِدْ، وَلَوْ كَانَ الْإِشْهَادُ أَمْرًا وَاجِبًا لَوَجَبَ مَعَ الرَّهْنِ لِخَوْفِ الْمُنَازَعَةِ. اهـ.

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست