responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 173
رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى تَكُونَ دَلَالَتُهُ عَلَى نَفْيِ رِبَا الْفَضْلِ مَنْطُوقَةً، وَلَوْ كَانَ مَرْفُوعًا، لَمَا رَجَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاسْتَغْفَرَ، لَمَّا حَدَّثَهُ أَبُو سَعِيدٍ بِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ رَوَى الْحَازِمِيُّ رُجُوعَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاسْتِغْفَارَهُ عِنْدَ أَنْ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ يُحَدِّثَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ رِبَا الْفَضْلِ، وَقَالَ: حَفِظْتُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ أَحْفَظْ، وَرَوَى عَنْهُ الْحَازِمِيُّ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: كَانَ ذَلِكَ بِرَأْيِي.
وَهَذَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يُحَدِّثُنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَرَكْتُ رَأْيِي إِلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ ذَلِكَ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعٌ فَهُوَ عَامٌّ مُخَصَّصٌ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ ; لِأَنَّهَا أَخَصُّ مِنْهُ مُطْلَقًا. اهـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ بَعْدَ هَذَا الْخِلَافِ عَلَى مَنْعِ رِبَا الْفَضْلِ.
قَالَ: فِي «تَكْمِلَةِ الْمَجْمُوعِ» مَا نَصُّهُ: الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ انْقِرَاضِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ فِيهِ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مَنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالنُّعْمَانُ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ، وَلَا فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ، وَلَا بُرٍّ بِبُرٍّ، وَلَا شَعِيرٍ بِشَعِيرٍ، وَلَا تَمْرٍ بِتَمْرٍ، وَلَا مِلْحٍ بِمِلْحٍ، مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ، وَلَا نَسِيئَةً، وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرْبَى وَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ. اهـ مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ.
وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي «شَرْحِ مُسْلِمٍ» إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِظَاهِرٍ حَدِيثِ أُسَامَةَ قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى صِحَّةِ تَأْوِيلِهِ لِحَدِيثِ أُسَامَةَ بِإِجْمَاعِ النَّاسِ، مَا عَدَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَيْهِ. اهـ، وَعَلَى فَرْضِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ فِي الْأُصُولِ، هَلْ يُلْغِي الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ أَوْ لَا بُدَّ مِنَ اتِّفَاقِ كُلٍّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَهَلْ إِذَا مَاتَ وَهُوَ مُخَالِفٌ ثُمَّ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بَعْدَهُ يَكُونُ إِجْمَاعًا؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ لَا يَكُونُ إِجْمَاعًا ; لِأَنَّ الْمُخَالِفَ الْمَيِّتَ لَا يَسْقُطُ قَوْلُهُ بِمَوْتِهِ، خِلَافٌ مَعْرُوفٌ فِي الْأُصُولِ أَيْضًا.

وَإِذَا عَرَفْتَ أَنَّ مَنْ قَالَ بِإِبَاحَةِ رِبَا الْفَضْلِ رَجَعَ عَنْهَا، وَعَلِمْتَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا مُصَرِّحَةٌ بِكَثْرَةٍ بِمَنْعِهِ، عَلِمْتَ أَنَّ الْحَقَّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ تَحْرِيمُ رِبَا الْفَضْلِ بَيْنَ كُلِّ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنَ السِّتَّةِ مَعَ نَفْسِهِ، وَجَوَازُ الْفَضْلِ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 173
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست