responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 109
بِخِلَافِ الْوَاقِعِ فِي غَيْرِ اللِّعَانِ.
وَيَدُلُّ لِهَذَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَضِبَ مِنْ إِيقَاعِ الثَّلَاثِ دَفْعَةً فِي غَيْرِ اللِّعَانِ، وَقَالَ: " أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ ! " كَمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، فَالْجَوَابُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: الْكَلَامُ فِي حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، فَإِنَّهُ تَكَلَّمَ مِنْ جِهَتَيْنِ: الْأُولَى: أَنَّهُ مُرْسَلٌ ; لِأَنَّ مَحْمُودَ بْنَ لَبِيدٍ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَتْ وِلَادَتُهُ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذِكْرُهُ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ أَجْلِ الرُّؤْيَةِ، وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَأَخْرَجَ لَهُ عِدَّةَ أَحَادِيثَ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ صَرَّحَ فِيهِ بِالسَّمَاعِ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ النَّسَائِيَّ قَالَ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ غَيْرُ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ يَعْنِي ابْنَ الْأَشَجِّ، عَنْ أَبِيهِ، وَرِوَايَةُ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وِجَادَةٌ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا.
وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ قَلِيلًا، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي " التَّقْرِيبِ ": رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِيهِ وِجَادَةٌ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ قَلِيلًا.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: أَمَّا الْإِعْلَالُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، فَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ مُرْسَلُ صَحَابِيٍّ وَمَرَاسِيلُ الصَّحَابَةِ لَهَا حُكْمُ الْوَصْلِ، وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ الْمَذْكُورُ جُلُّ رِوَايَتِهِ عَنِ الصَّحَابَةِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي " التَّقْرِيبِ " وَغَيْرِهِ.
وَالْإِعْلَالُ الثَّانِي بِأَنَّ رِوَايَةَ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهِ وِجَادَةٌ مِنْ كِتَابِهِ فِيهِ أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ فِي " صَحِيحِهِ " عِدَّةَ أَحَادِيثَ مِنْ رِوَايَةِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَالْمُسْلِمُونَ مُجْمِعُونَ عَلَى قَبُولِ أَحَادِيثِ مُسْلِمٍ إِلَّا بِمُوجِبٍ صَرِيحٍ يَقْتَضِي الرَّدَّ، فَالْحَقُّ أَنَّ الْحَدِيثَ ثَابِتٌ إِلَّا أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ يَرُدُّهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ حَدِيثَ مَحْمُودٍ لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْفَذَ الثَّلَاثَ، وَلَا أَنَّهُ لَمْ يُنْفِذْهَا، وَحَدِيثُ سَهْلٍ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ أَنْفَذَهَا، وَالْمُبَيَّنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُجْمَلِ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ بَلْ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ احْتَجَّ لِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ دَفْعَةً، بِحَدِيثِ مَحْمُودٍ هَذَا.
وَوَجْهُ اسْتِدْلَالِهِ بِهِ أَنَّهُ طَلَّقَ ثَلَاثًا يَظُنُّ لُزُومَهَا، فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ لَازِمَةٍ لِبَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

اسم الکتاب : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست