ووافقها في باب آخر فهو من أهل السنة فيما وافق فيه السنة، وليس منهم فيما خالفهم فيه؛ وذلك من باب أن المرء يمدح بقدر ما فيه من موافقة السنة، ويذم بقدر ما فيه من مخالفتها، وأن إخراج قوم من مسمى "أهل السنة"؛ لأنهم خالفوا السنة في باب دون باب، فيه مجانية للعدل والإنصاف، من رأى هذا الرأي قال مثلًا: الأشاعرة من أهل السنة في أبواب الإيمان والعقيدة التي لم يخالفوهم فيها، وليسوا منهم في باب الصفات وما خالفوا فيه.
والذي أميل إليه: أن لا يقال: "الأشاعرة من أهل السنة" إلا بقيد، فيقال: هم من أهل السنة في كذا، في الأبواب التي لم يخالفوا فيها مذهب أهل السنة.
لأننا إذا أطلقنا القول بأنهم من "أهل السنة" التبس الأمر وظن من لا دراية له بحالهم أنهم على مذهب أهل السنة والسلف في كل خصال السنة، والواقع أنهم ليسوا كذلك؛ بل في أقوالهم ما يخالف السنة في كثير من أبواب الاعتقاد؛ فليسوا على السنة المحضة في كل اعتقاداتهم.
وإذا أطلقنا القول بأنهم ليسوا من أهل السنة، كان ذلك حكمًا بأنهم خالفوا السنة في كل أبواب الاعتقاد، والأمر ليس كذلك فقد وافقوا أهل السنة في أبواب الصحابة والإمامة وبعض السمعيات.
فالعدل والإنصاف يقتضي أن يحكم على كل بما يستحق على ضوء ما رضي لنفسه من قول واختط من نهج.
والله تعالى أعلم.