بيان أهل السنة من هم: "وبالجملة فهم: أهل الحديث، والأشاعرة، والماتريدية؛ لأنهم جميعًا التزموا أسس العقيدة وأصولها"[1].
ولا يخفى ما في هذا الكلام من تجوز وتساهل، فإن الخلاف بينهم ولا سيما بين أهل الحديث، وبين الأشعرية والماتريدية، هو في أسس العقيدة وأصولها، ومن أهم هذه الأسس مسألة النقل[2] التي تقدم الحديث عنها.
ومن هؤلاء: الدكتور: أحمد محمود صبحي؛ حيث قال في كتابه "في علم الكلام": "ولكن ليس للأشعرية حق الادعاء أنها تعبر عن فرقة أهل السنة والجماعة؛ وإنما تجاذب هذه الفرقة فريقان:
1- مذهب السلف من أهل السنة منذ الإمام أحمد بن حنبل إلى أن بلغ به ابن تيمية ذروة التبلور والتماسك.
2- مذهب الخلف من أهل السنة وتشارك الصفاتية والأشعرية فيه مذاهب أخرى أهما الماتريدية[3].
فعد الأشعرية من أهل السنة، وإن كان لا يرى انفرادها بذلك. [1] عقيدة التوحيد في فتح الباري ص 86، "ط. الأولى 1403 هـ. نشر: دار الآفاق الجديدة - بيروت". [2] المراد بالنقل: نصوص الكتاب والسنة. [3] ص 426- 427.
القول الثالث:
قول من يرى أنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه أهل السنة من أبواب الاعتقاد. وممن قال بذلك:
الشيخ عبد العزيز بن باز -متع الله بحياته- حيث قال جوابًا على قول الصابوني: "أن التأويل لبعض الصفات لا يخرج المسلم عن جماعة أهل السنة".
قال: "صحيح في الجملة فالمتأول لبعض الصفات كالأشاعرة لا يخرج بذلك عن جماعة المسلمين ولا عن جماعة أهل السنة في غير باب الصفات[1]؛ ولكنه لا يدخل في جماعة أهل السنة عند ذكر إثباتهم للصفات وإنكارهم للتأويل.
فالأشاعرة وأشباههم لا يدخلون في أهل السنة في إثبات الصفات لكونهم قد خالفوهم في ذلك وسلكوا غير منهجهم؛ وذلك يقتضي الإنكار عليهم وبيان خطئهم في التأويل، وأن ذلك خلاف منهج الجماعة. كما أنه لا مانع أن يقال: إن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة في باب الأسماء والصفات، وإن كانوا منهم في الأبواب الأخرى[2]، حتى يعلم الناظر في مذهبهم أنهم قد أخطئوا في تأويل بعض الصفات وخالفوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإسحان في هذه المسألة، تحقيقًا للحق وإنكارًا للباطل وإنزالًا لكل من أهل السنة والأشاعرة في منزلته التي هو عليها"[3].
وممن ذهب إلى ذلك الدكتور: صالح الفوزان؛ حيث قال في تعقيبه على ماقلات الصابوني: "نعم هم -يعني: الأشاعرة -من أهل السنة والجماعة في بقية أبواب الإيمان والعقيدة التي لم يخالفوهم فيها، وليسوا منهم في باب الصفات وما خالفوا فيه، لاختلاف مذهب الفريقين في ذلك"[4]. [1] من الأبواب التي لم يخالفوهم فيها. [2] أي: التي لم يخالفوهم فيها؛ فإن مخالفة الأشاعرة لأهل السنة ليست مقصورة على باب الأسماء والصفات، فقد خالفوهم في أبواب أخرى كالإيمان، والقدر، فهم ليسوا من أهل السنة فيها، كما أنهم ليسوا منهم في باب الأسماء والصفات. [3] تنبيهات هامة على ما كتبه محمد علي الصابوني في صفات الله عز وجل ص 37- 38، "ط. الأولى 1404 هـ. نشر: الدار السلفية - الكويت". [4] البيان لأخطاء بعض الكتاب ص 28.