يقول الشهرستاني "479- 548 هـ" -بعد أن بين أن جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون صفات الله عز وجل من غير تفرقة بين الصفات الذاتية منها والصفات الفعلية: "حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكلابي، وأبي العباس القلانسي، والحارث بن أسد المحاسبي. وهؤلاء كانوا من جملة السلف إلا أنهم باشروا علم الكلام، وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية، وبراهين أصوليه، وصنف بعضهم، ودرس بعض، حتى جرى بين أبي الحسن الأشعري وبين أستاذه[1] مناظرة في مسائل من مسائل الصلاح والأصلح فتخاصما، وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة، فأيد مقالتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهبًا لأهل السنة والجماعة، وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية"[2].
وكلام الشهرستاني يفيد صراحة؛ أن مذهب الأشعرية إنما تلتمس أصوله لدى جماعة من الصفاتية باشروا الكلام وأثبتوا الصفات من أمثال الكلابي، والقلانسي والمحاسبي[3].
ويعتبر الأشاعرة ابن كلاب، إمام أهل السنة في عصره، ويعدونه شيخهم الأول فيقولون: "ذهب شيخنا الكلابي عبد الله بن سعيد إلى"[4].
كما يذكرونه وكذا القلانسي في كتبهم مشيرين إلى أنهما من أصحابهم[5]. [1] وهو شيخه: أبو علي الجبائي. [2] الملل والنحل 1/ 93. [3] د. أحمد محمود صبحي. في علم الكلام ص 422. [4] الشهرستاني، نهاية الإقدام 303. [5] انظر: البغدادي، أصول الدين ص 87، 97، 234، والجويني الإرشاد ص 119.