responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وسطية أهل السنة بين الفرق المؤلف : محمد با كريم محمد با عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 385
الإنسان مجبور على أفعاله لا قدرة له ولا إرادة، كما تقدم؛ فكل ما وقع في الكون يكون محبوبًا مرضيًا له[1]، سواء في ذلك الإيمان والكفر، والطاعات والمعاصي؛ إذ كل ذلك واقع بإراداته ومشيئته، فسووا بين الإرادة والمحبة والرضى[2].
لذلك احتجوا بالقدر على المعاصي، وقال قائلهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا} [3].
وإذا كان هذا قول الجبرية الخالصة؛ فماذا يقول الجبرية المتوسطة، وهم الأشاعرة؟
يرى الأشاعرة "أن كل حادث مراد لله تعالى حدوثه، ولا يختص تعلق مشيئة الباري بصنف من الحوادث دون صنف؛ بل هو تعالى مريد لوقوع جميع الحوادث، خيرها وشرها نفعها وضرها"[4]؛ فكل الحوادث لا تخرج عن إرادته عز وجل، وهذا كلام لا غبار عليه؛ لكن هل يحب الكفر والمعاصي إذا أرادها؟ ماذا يقول الأشاعرة؟ ومن مذهبهم أن المحبة والرضى بمعنى: الإرادة، بذلك يؤولون محبة الله ورضاه؛ فهل يقولون: إن الله أحب ذلك ورضيه؟ لقد اضطربوا في ذلك اضطرابًا بينًا واختلف أئمتهم في ذلك. يحدثنا إمام الحرمين الجويني عن ذلك؛ فيقول: "ومما اختلف أهل الحق في إطلاقه، ومنع إطلاقه، المحبة والرضا؛ فإذا قال القائل: هل يحب الله تعالى كفر الكفار ويرضاه؟ فمن أئمتنا من لا يطلق ذلك ويأباه، ثم هؤلاء تحزبوا حزبين: -ثم ذكر قولهما- ثم قال: ومن حقق من أئمتنا لم يكع[5] عن تهويل المعتزلة، وقال: المحبة بمعنى:

[1] انظر: ابن أبي العز، شرح الطحاوية 279.
[2] نفس المصدر 279.
[3] سورة الأنعام آية 148.
[4] الجويني الإرشاد 237.
[5] يكع: أي: يجبن. انظر: ابن منظور، لسان العرب 8/ 317.
اسم الکتاب : وسطية أهل السنة بين الفرق المؤلف : محمد با كريم محمد با عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 385
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست