المعتزلة ومن وافقهم[1].
ويقول الخياط -وهو من مصنفي المعتزلة- عن إثبات المعتزلة لعلم الله بأفعال العباد: "إن المعتزلة لم ينكروا العلم الأزلي؛ فالله تعالى عندهم لم يزل عالمًا بكل ما يكون من أفعال خلقه، ولا تخفى عليه خافية، ولم يزل عالمًا من يؤمن ومن يكفر ومن يعصى"[2].
وإنما حصل النزاع والتفرق والاختلاف والضلال، في مرتبتي، خلق أفعال العباد، وكونها تقع بمشيئته وإرادته، وفي ما تفرع عنهما، وتعلق بهما من مسائل.
ولذلك سوف أقصر حديثي عن وسطية أهل السنة في هذا الباب، على هاتين المرتبتين لأهميتهما. [1] انظر: التدمرية ص208، "بتحقيق محمد بن عوده السعوي، ط. الأولى 1405 هـ- 1985 م". [2] انظر: الانتصار ص118، "ط. دار الكتب المصرية 1344 هـ 1925 م"، اقتبسه عواد بن عبد الله المعتق في كتابه المعتزلة وأصولهم الخمسة ص170، "ط. الأولى 1409، نشر: دار العاصمة".
ولم أقف على هذا النص في طبعة الانتصار التي بين يدي بتحقيق ألبير نصر نادر.
أولًا: وسطيتهم في خلق أفعال العباد
هذه المسألة من أهم وأخطر مسائل القدر، ولقد زلت فيها أقدام، وحارت عقول وأفهام؛ فقد اختلف الناس هل الأفعال والأعمال الصادرة عن العباد مخلوقة لله عز وجل مقدورة له، أم لا؟ وافترقوا في ذلك إلى طرفين وواسطة:
الطرف الأول "الجبرية":
سموا بذلك نسبة إلى الجبر لقولهم به في باب القدر.