واحدًا، وأجروها على سنن واحد"[1].
مضى عصر الصحابة على ذلك، كلمتهم واحدة، ليس لهم في ذلك قولان، ولا تنازع في هذا الباب منهم اثنان.
ثم خلف من بعدهم أخلاف، وبسقت قرون بدع، ونبتت نوابت فرقة واختلاف، فاختلف الناس في هذا الباب بعد ائتلاف؛ فكانوا طوائف ثلاث:
الأولى: أهل تعطيل.
الثانية: أهل تمثيل.
الثالثة: أهل سواء سبيل.
فأما أهل التعطيل: فقد قالوا بنفي أسماء الله وصفاته، وبعضهم أثبت الأسماء ونفي الصفات، وأمثلهم أثبت الأسماء وبعض الصفات، ونفي أو أول البعض الآخر، وهم طوائف. بينهم تفاوت.
وأما أهل التمثيل: فمالوا إلى ضروب من التمثيل والتشبيه، وهم أيضًا طوائف، ما بين مشبه للمخلوق بالخالق، وآخر مشبه للخالق بالمخلوق.
وأما أهل سواء السبيل: فهم الذي سلكوا سبيل ذلك الرعيل الذي عاصر التنزيل؛ أعني: الصحابة الكرام رضوان الله عليهم؛ اقتدوا بهم، واهتدوا بهديهم؛ فكان قولهم كقولهم، وهؤلاء هم أهل السنة وجامعة الذين سلموا من ضلالة النفي والتعطيل، ولم يرتكسوا في حمأة التشبيه والتمثيل، وكانوا بين ذلك على هدي قاصد وصراط مستقيم.
وفي هذا الفصل سنعرض بإذن الله لبيان قول كل من الطوائف الثلاثة في هذا الباب من خلال كتبهم ومصنفاتهم ما وجدت إلى ذلك سبيلًا، أو من خلال [1] انظر: إعلام الموقعين 1/ 51- 52.