إلى الإيمان بما أنزل إليهم بواسطة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم مفصلًا، وبما أنزل على الأنبياء المتقدمين مجملًا، ونص على أعيان من الرسل، وأجمل ذكر بقية الأنبياء، وأن لا يفرقوا بين أحد منهم؛ بل يؤمنوا بهم كلهم"[1].
وقال قتادة: "أمر الله المؤمنين أن يؤمنوا ويصدقوا بأنبيائه ورسله كلهم ولا يفرقوا بين أحد منهم"[2].
وعد الرسول صلى الله عليه وسلم الإيمان بالرسل أحد أركان ايمان الستة التي لا يكون المرء مؤمنًا إلا إذا استكملها؛ فقال صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور: "الإيمان: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره"[3].
فاستجابت هذه الأمة لأمر الله ورسوله وآمنت برسل الله جميعًا، وشهد الله لها بهذا الإيمان في محكم كتابه فقال: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير} [4].
وبلغ من عمق إيمانها برسل الله وتصديقها لهم، أنها تشهد لهم على أممهم بالبلاغ، كما تقدم[5] في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم؛ فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، يقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلغ، [1] تفسير القرآن العظيم 1/ 271. [2] أخرجه ابن جرير في التفسير 3/ 111. [3] م: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام 1/ 36- 37، ح1. [4] سورة البقرة آية 285. [5] انظر: ص 175- 176.