الأمر الثاني:
أنهم غلوا وأفرطوا في نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام، ورفعوه فوق المكانة التي جعله الله فيها، وأنزلوه فوق المنزلة التي أنزله الله إياها.
فلم يؤمنوا به عبدًا لله ورسولًا نبيًا؛ وإنما جعلوه هو الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة يتكون منها الإله، وعبدوه من دون الله عز وجل وأضافوا إليه من الأفعال والأعمال ما لا يصح إضافته ونسبته إلا إلى الله عز وجل؛ فكانت عقيدتهم فيه التي أجمعوا عليها بعد "مجمع نيقية"[1] وسموها بـ "الأمانة" على النحو التالي: "الإيمان:
1- بإله واحد، آب، ضابط الكل، خالق السماء والأرض، صانع ما يرى وما لا يرى.
2- وبرب واحد يسوع، الابن الوحيد المولود من الأب قبل الدهور من نور الله إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساو للآب في الجوهر الذي به كان كل شيء الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خطايانا نزل من السماء وتجسد من روح القدس ومن مريم العذراء، وصلب حيًا على عهد بيلاطس وتألم وقبر، وقام من الأموات في اليوم الثالث على ما في الكتب وصعد إلى السماء وجلس على يمين الرب، وسيأتي ليدين الأحياء والأموات، ولا فناء لملكه"[2].
ولقد ذكر القرآن الكريم غلوهم في عيسى عليه السلام، وقولهم بألوهيته وبنوته لله عز وجل، وكفرهم بذلك، فقال جل وعلا: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ [1] تقديم التعريف به. انظر: ص252. [2] نوفل بن نعمة الله بن جرجس سوسنة سليمان. اقتبسه د. علي عبد الواحد وافي.
انظر: الأسفار المقدسة ص 111، وذكر هذه العقيدة الشهرستاني في الملل والنحل 2/ 28، وابن القيم، هداية الحيارى ص 267 مع اختلاف في اللفظ.