سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير} [1]. وقال صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور في بيان حد الإيمان الواجب على هذه الأمة: "أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" [2].
فحصل لهذه الأمة المحمدية من الإيمان بجميع الرسل، وجميع الكتب ما لم يحصل لغيره باعتبار ما يأتي:
1- أن هذه الأمة هي آخر الأمم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة" [3]، وقال في حديث آخر: "نكمل اليوم سبعين أمة نحن آخرها، وخيرها" [4]، وفي حديث آخر: "نكمل اليوم سبعين أمة نحن آخرها، وخيرها" [4]، وفي حديث آخر: "نحن آخر الأمم وأول من يحاسب" [5]؛ فآمنت بجميع الرسل والكتب التي قبلها، مع إيمانها برسولها الخاتم، وكتابها المهيمن على جميع الكتب، ولم يقع ذلك إلا ولها؛ فحق لها أن تكون خير الأمم؛ لأنها جمعت خيرما عندهم من الإيمان بالكتب والرسل.
2- أن كثيرًا من الأمم التي قبلها، لم تؤمن بمن كان قبلها من الرسل والكتب، وبل كذبوا وكفروا بهم. وسيأتي لذلك زيادة إيضاح عند الكلام على وسطية هذه الأمة في باب أنبياء الله عز وجل إن شاء الله تعالى.
وهذا الوجه وإن جاء في الآية تقديم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليه لمعنى اختلف المفسرون في تحديده[6]، إلا أنه باتفاق الجميع هو الأساس الذي بني عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإذا لم يكن ثمت إيمان على أساسه يتصور المعروف فيؤمر به، والمنكر فينهى عنه؛ فليس هناك أمر بمعروف ولا نهي عن منكر بالمعنى الشرعي. [1] سورة البقرة آية 285. [2] م: الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام 1/ 36، ح 1. [3] خ: كتاب الجمعة، باب فرض الجمعة 2/ 354، ح 876. [4] جه: زهد، باب صفة أمة محمد صلى الله عليه وسلم ص 1433، ح 4287. وقال الألباني: "حسن" صحيح ابن ماجه 2/ 426. [5] جه: زهد، باب صفة أمة محمد صلى الله عليه وسلم ص 1434، ح 4290. وقال البوصيري: إسناده صحيح ورجاله ثقات. وقال الألباني: "صحيح" صحيح ابن ماجه 2/ 427. [6] مما قيل في تعليل ذلك: