وعلى فرض أنها نزلت في الصحابة أو بعضهم؛ فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرر في علم أصول التفسير.
على أن الصحابة رضوان الله عليهم أول الداخلين في هذا العموم؛ إذ هم خير هذه المة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "خير أمتي قرني" [1] فهم، خيار الخيار، وهم الصفوة الأخيار.
إشكال وجوابه:
قد يشكل على البعض ما ورد من تفضيل الله عز وجل بني إسرائيل على العالمين، واختياره لهم، في قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِين} [2]، وقوله: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِين} [3]؛ فكيف تكون هذه الأمة خير الأمم، مع كون بني إسرائيل أفضل العالمين؟
ويزول الإشكال إذا علمنا أن المراد: بـ "العالمين" من قوله تعالى: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِين} ، هم عالم زمانهم، وليس جميع العالمين الذين خلقهم الله، أخرج ابن جرير رحمه الله عن قتادة[4] في قوله: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِين} ، قال: "فضلهم على عالم ذلك الزمان"[5]، كما أخرج أيضًا عن أبي العالية[6]: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِين} قال: "بما أعطوا من [1] تقديم تخريجه. انظر: ص97. [2] سورة البقرة آية 47، وآية 122. [3] سورة الدخان آية 32. [4] قتادة: هو ابن دعامة السدوسي. تقدمت له ترجمة، انظر: ص179. [5] جامع البيان عن تأويل اي القرآن 2/ 24. [6] أبو العالية هو: رفيع بن مهران، أبو العالية الرياحي، ثقة كثير الإرسال. مات سنة تسعين وقيل: ثلاث وتسعين، وقيل: بعد ذلك، ابن حجر: تقريب 1/ 252.