5- ردهم على أهل البدع- في كل زمان- حسب البدع التي نشأت فيه، وهذا لأنهم حريصون أتم الحرص على سلامة العقيدة من أن يشوبها شيء من كدر الهوى والابتداع، فكل ما حدثت بدعة ردوا عليها وبينوا فسادها، وهكذا في البدع التي تليها. ولا يفتعلون افتراضات وشبهات ثم يقومون بالرد عليها كما يفعل أهل البدع، وإنما يحرصون على تربية الناس على العقيدة الصحيحة من الكتاب والسنة، ويبينون للناس ذلك ويشرحونه، حتى تمتلىء قلوبهم بعظمة الله، وبعظمة الوحي من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. وما يترتب على هذه التربية من الاعتزاز بهذا الدين وبمذهب أهل السنة والجماعة، وأنه طريق النجاح والفلاح. أما مجادلة أهل البدع والرد عليهم فإنما يأتي عرضا حسب خطورة البدعة والخوف من انتشارها، فيردون عليها فقط ولا يتعدى ذلك إلى افتراض بدع أخرى ثم الرد عليها، حتى توجد هذه البدعة، ولذلك فمن الواضح من منهج السلف أنه " قد يبين بعضهم في بعض الأوقات ما لا يبينه غيره لحاجته في ذلك، فمن ابتلي بمن يقول: ليس هذا كلام الله كالامام أحمد كان كلامه في ذم من يقول: هذا مخلوق، أكثر من ذمه لمن يقول: لفظي مخلوق. ومن ابتلى بمن يجعل بعض بعض صفات العباد غير مخلوق، كالبخاري صاحب الصحيح، كان كلامه في ذم من يجعل ذلك غر مخلوق أكثر. مع نص أحمد والبخاري وغيرهما على خطأ الفريقين " [1] .
6- حبهم لسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وموالاتهم لأهلها، وهذه ميزة بارزة لأهل السنة كما؟ أن ضدها من الإعراض عن السنة وعدم الاهتمام بها، والازراء أحيانا بمن يفنون أعمارهم في روايتها ونقلها وتعليمها للناس- إحدى علامات أهل البدع الكبرى. رُوي عن البخاري أنه قال: " كنا ثلالة أو أربعة على باب علي بن عبد الله فقال: إني لأرجو أن تأويل هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم" [2] ، [1] الجواب الصحيح (3/103) . [2] سبق تخريجه (ص: 35) .