الذين لا يقبل قول بعضهم في بعض [1] ، ولا شك أن القاعدة التي ذكرها السبكي لها قيمة كبرى في الجرح والتعديل ولكن تطبيقه لها هنا لم يصادف محلا، لأن الإمام أحمد انتقد عقيدة المحاسبي والبراهين واضحة جلية في دخوله علم الكلام وقوله ببعض أقوالهم، ولو سلمت هذه القاعدة بإطلاق لما قبل قول السلف في معاصريهم من المعتزلة والرافضة والجهمية والقدرية وغيرهم، وهذا مالا يقول به السبكي ولا غيره.
ب- موقف الامام ابن خزيمة:
كان في زمن ابن خزيمة علمان من أعلام الكلابية:
أحدهما: أبو علي الثقفي، وهو شيخ خراسان أبو على محمد بن عبد الوهاب ابن عبد الرحمن بن عبد الوهاب، الثقفي، النيسابوري، الشافعي، الواعظ الزاهد ولد سنة 244 هـ، قال عنه الصبغي:"ما عرفنا الجدل والنظر حتى ورد أبو علي الثقفي من العراق" [2] ، وقال أبو عبد الرحمن السلمي:"كان إماما في أكثر علوم الشرع، مقدما في كل فن منه، عطل أكثر علومه واشتغل بعلم الصوفية وتكلم فيه أحسن كلام" [3] ، وقال عنه البغدادي:"شيخ العلوم على الخصوص والعموم" وقال:"وتصانيف الثقفي ونقوضه على أهل الأهواء زائدة على مئة كتاب" [4] وقال عنه الذهبي:"ومع علمه وكماله خالف الإمام ابن خزيمة في مسائل التوفيق والخذلان، ومسألة الايمان، ومسألة اللفظ، فألزم البيت، ولم يخرج منه الى أن مات وأصابه في ذلك محن" [5] توفى الثقفي سنة 328 هـ [6] . [1] انظر: الطبقات للسبكي (2/278) ، وقاعدة في الجرح والتعديل (ص: 47) ، والرفع والتكميل (ص: 263) . [2] سير أعلام النبلاء (15/282) . [3] طبقات الصوفية (ص: 361) . [4] أصول الدين (ص:300) . [5] السير (15/282) . [6] انظر: في ترجمته اضافة الى المصادر السابقة الرسالة القشيرية (1/164) ، وقال: به ظهر التصوف بخراسان، والأنساب (3/135) وغيرها.