سمعا وبصرا لا بالحوادث في الله جل وعز وتعالى عن ذلك، وكذلك قوله: {اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله} [التوبة:105] لا يستحدث بصرا ولحظا محدثا في ذاته تعالى عن ذلك" [1] ، ثم يرد المحاسبي على من خالفه في هذا ممن يثبت لله الصفات الاختيارية فيقول:" وقد ذهب قوم [2] أن لله جل وعز اسماعا حادثا في ذاته، فذهب الى ما يعقل من الخلق أنه يحدث فيهم علة لسمع ما يكون من قول عند سمعه للقول، لأن المخلوق اذا سمع الشيء حدث له عنه فهم عما أدركته أذنه من الصوت، وكذلك ذهب الى أن رؤية تحدث له، قال أبو عبد الله: وهذا خطأ، وانما معنى (سيرى) و (إنا معكم مستمعون) أن المسموع والمبصر لم يخف على عيني ولا على سمعي أن أد ركه سمعا وبصرا لا بالحوادث في الله جل وعز، ومن ذهب الى أنه يحدث له استماع مع حدوث المسموع، وإبصار مع حدوث المبصر فقد أدعى على الله عز وجل مالم يقل ولإنما على العباد التسليم كما قال، وانه عالم سميع بصير ولا يريد مالم يكن، وإنما معني (حتى يعلم) حتى يكون المعلوم، وكذلك حتى يكون المبصر والمسموع، ولا يخفى على الله عز وجل أن يعلمه موجودا ويراه موجودا ويسمعه موجودا بغير حدوث علم في الله جل وعز، ولا سمع ولا بصر، ولا يعني حدوثا في ذات الله، جل الله عن الحوادث في نفسه وتعالى عن البداوات في علمه وإرادته علوا كبيرا" [3] .
ثم يذكر نصوص العلو والاستواء وأن ذلك لا يدل على حلول الحوادث [4] .
وهذه النصوص- وهي من المصادر القليلة التي بقيت من كتب الكلابية - تبين إلى أي حد كان رسوخ هذه المسألة عندهم، حتى ان المحاسبي يجزم [1] فهم القرآن (ص: 344- هـ 34) . [2] يقصد الكرامية. [3] فهم القرآن (ص: 345-346) . [4] انظر: المصدر نفسه (ص: 346-349) .