ولذلك شنع المحاسبي على بعض متصوفة عصره وانحرافاتهم، فذكر أنواعا من غرورهم بما عندهم وعدم مطابقة أقوالهم وقال بعد كلام طويل عنهم:"وإنما أطلت الوصف في هذه الفرقة لأنها عظيمة غرتها، قد غلب ذلك على كثير ممن يتعبد ويرى أنه من النساك العاملين لله عز وجل" [1] ،كما يرد على الذين يقعد بهم توكلهم الى التواكل وترك الكسب والعمل مثل شقيق البلخي الذي زعم أن الحركة في الكسب معصية [2] ، بل-رد على من زعم أن القعود وترك العمل أفضل من الحركة، ويفصل رده عليهم من وجوه [3] ، ثم يعرض لأقوال العلماء في مسائل عملية كثر الجدال حولها مثل الورع وحده، والعزلة عن الناس ومجانبتهم، والشبهة ومعناها، وجوائز السلطان، وغير ذلك [4] ، وقد عرض لهذه المسائل بشكل جيد، كما رد على بعض الصوفية الذين يبيحون لأنفسهم بعض المحرمات مثل النظر المحرم ويرد حججهم الباطلة [5] ،كمايرد على بعض الصوفية الذين يقولون بإيمان فرعون [6] .
2- يركز المحاسبي على مسألة " العقل"، وله كتاب في ذلك، وهو
وإن كان يميل إلى أقوال أهل الكلام إلا أنه يركز في مسألة " العقل" على ربطه بأعمال القلوب وأن الذى عقل عن ربه هو الذى يخافه ويعظمه، ولذلك ذكر معاني العقل الواردة فيه وهي:
أ- انه " غريزة جعلها الله عز وجل في الممتحنين من عباده، أقام به على البالغين للحلم الحجة ... " [7] . [1] انظر: الرعاية (ص: 455) . [2] انظر: الكسب (ص: 61) . [3] انظر: المصدر السابق (ص: 64) . [4] انظر: الكسب (ص: 68) وما بعدها. [5] انظر: المسائل في أعمال القلوب والجوارح (ص: 163) . [6] انظر: فهم القرآن (ص: 336) . [7] العقل مطبوع مع فهم القرآن (ص: 203) .