والسبكي يريد أن لا يجعل ابن كلاب مخالفا لجمهور الأشعرية، وهناك فرق بين من يجعل الإيمان هو التصديق فقط ومن يضيف إليه الإقرار باللسان، كما أن هناك فرقا بين مذهب هؤلاء ومذهب السلف الذين يدخلون الأعمال في مسمى الإيمان. ويرى ابن كلاب-كما يرى جمهور أهل السنة- صحة إيمان المقلد وأنه يحكم له بالإسلام [1] ، وكذلك مذهبه في مرتكب الكبيرة [2] .
هذه أهم آراء وأقوال ابن كلاب كان المصدر في عرضها الكتب الناقلة لمذهبه سوى بعض النصوص القليلة من كتبه في اثبات العلو والاستواء، وبها يتبين كيف كان ابن كلاب شيخا للأشعري، وأن المسائل الكبرى التي ميزت المذهب الأشعري- كمسألة الصفات الاختيارية والكلام- قد سبقهم إليها ابن كلاب، وهذا يفسر جانبا من جوانب نشأة المذهب الأشعري، تسبق وجود أبي الحسن نفسه.
وليس هذا في مذهب ابن كلاب نفسه، بل في مدرسته التى سار على طريقه فيها علماء آخرون، كالمحاسبي والقلانسي وغيرهما. ثانيا: الحارث المحاسبي:
أ- ترجمته:
هو الحارث بن أسد المحاسبي البغدادي [3] ، أبو عبد الله، ولد بالبصرة ولكنه انتقل إلى بغداد وعاش فيها، وكانت ولادته سنة 165 هـ تقرييا، أما وفاته فقد كانت سنة 243 هـ. [1] انظر: أصول الدين (ص: 254) . [2] انظر: المقالات (ص: 298 مع ص: 293) . [3] انظر: في ترجمته: طبقات الصوفية (ص: 56) ، والحلية (10/73) ، وتاريخ بغداد (8/211) ، والرسالة القشيرية (1/78) ، والأنساب (12/103) ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/8) ، والكامل (7/84) ، وميزان الاعتدال (1/430) ، والسير للذهبي (12/110) ، ووفيات الأعيان (2/57) ، والوافي (11/257) ، وطبقات السبكى (2/275) ، وتهذب الكمال للمزى (5/208) - المطبوعة- وتهذيب التهذيب (2/134) ، والبداية والنهاية (10/330- 331،345) ، والطبقات الكبرى للشعراني (1/64) وغيرها.