واضحة لدى الكثير من المهتمين بأمور التراث والبحث العلمي، والمستشرقون وحركتهم المعادية للاسلام، وحقدهم الدفين عليه وعلى تراثه وعلى المتمسكين به لا يكاد يجهله من عنده غيرة على هذا الدين، والايجابيات- التي صاحبت حركتهم- جاءت مشوبة بهذه الأغراض الخبيثة، وهذا حكم عام، والا فالمستشرقون ليسوا على حد سواء.
والأمانة العلمية من صميم ما يدعو اليه الإسلام، ولذلك طبقها المسلمون في حياتهم:
أ- فالإسلام حث على الصدق والعدل، ونهى عن الكذب والقول بلا علم.
ب- ثم تمثل ذلك في علم مصطلح الحديث، بأبوابه وفنونه، التي وصلت إلى أدق ما يمكن من الاتقان والضبط في الجرح والتعديل، والتحمل والأداء، وطبقات الرواة، والإدراج، والتصحيف والتحريف، وغيرها من علوم الحديث التي تميزت بها هذه الأمة عن غيرها من الأمم.
وشيخ الإسلام إنما سار على منهج علماء الإسلام في هذا الباب، ولما كان يواجه خصوما عديدين برزت عنده كمنهج له طبقها في كتاباته ورسائله ... وشهد له بهذه المنهجية أعداؤه الذين لا يرضون سلفيته وردوده على من يعظمونه من أهل الأعتزال والأشاعرة وغيرهم، فالنشار- الذي يتهم شيخ الإسلام بتهم عديدة منها الكذب على الأشاعرة [1] - لا يملك إلا أن يناقض نفسه فيقول:
" ولكن حسبنا من ابن تيمية أنه كان مؤرخا ممتازا للفكر الاسلامي، وأنه ترك لنا نصوصا رائعة نستطع بواسطتها أن نصوغ المذاهب التى لم تصل إلينا مصادرها الأصلية صياغة منهجية متكاملة " [2] ، ويقول:"وبهذا حفظت لنا كتب [1] انظر: نماذج من اتهاماته لشيخ الإسلام في نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام (ج1 ص: 378، 333، 356،366،371) وغيرها. [2] نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام للدكتور على سامي النشار (1/278) .