وهذا رأى الإمام البخاري قال: " باب {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة:143] ، وما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بلزوم الجماعة، وهم أهل العلم " [1] ، وهو رأى الإمام أحمد-رحمه الله-، فإنه قال عن الجماعة: " إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم [2] ؟ "، وهو رأي الترمذي الذي قال: " وتفسر الجماعة عند أهل العلم: هم أهل الفقه والعلم والحديث " [3] ، وهو رأي ابن المبارك وعلي بن المديني، وأحمد بن سنان الذي قال: " هم أهل العلم وأصحاب الآثار" [4] .
فعلى هذا القول فالجماعة هم أهل السنة العالمون المجتهدون، فيخرج منهم المبتدعة، كا يخرج العامة المقلدة لأن الغالب فيهم أنهم تبع للعلماء.
3- وقيل: إن الجماعة هم السواد الأعظم، وعليه رواية الافتراق التي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها أن الفرقة الناجية هم السواد الأعظم [5] ، قال في النهاية: " عليكم بالسواد الأعظم [6] : أى جملة الناس ومعظمهم، الذين يجتمعون على طاعة السلطان وسلوك النهج القويم " [7] ، يقول عبد اللة مسعود - رضي الله عنهـ في إحدى خطبه: "يا أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة، فإنهما السبيل في الأصل الى جبل الله الذى أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة " [8] ، ويقول أبو غالب -رحمه الله-: [1] صحيح البخاري: فتح الباري (13/316) . [2] شرف أصحاب الحديث (صلى الله عليه وسلم:25) . [3] سنن الترمذي (4/465) . [4] شرف أصحاب الحديث (صلى الله عليه وسلم:26 - 27) . [5] رواه الطبراني في الكبير من طرق (8/321-328) ، وأرقامه (8035، 51 80،53 80، 8054) ، ورواه اللالكائي في شرح السنة من طريقين، رقمها (151-152) ، ورواه ابن أبي زمنين في أصول السنة (ص: 36) ، من المخطوطة، والحارث ابن أبي أسامة كا في المطالب العالية (3/86) ، كا رواه مختصرا بدون ذكر الافتراق: أحمد والترمذي وابن ماجه في قصة الخوارج. قال فى مجمع الزوائد (6/234) :" ورواه الطبراني ورجاله ثقات ". [6] رواه ابن ماجهـ مرفوعا- في الفتن، رقمه (3950) ، وإسناده ضعيف، رروى موقوفا عن أبي أمامة. مسند أحمد (4/ 278) ، وعن عبد الله بن أبي أوفى- المسند أيضا (4/383) . [7] النهاية (6/419) . [8] رواه اللالكائي، رقم (158-159) ، والآجري في الشريعة (ص: 13) .