الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون بين الأمة، يوالون على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون ... " [1] ، ثم بين لماذا تحكى أقوال الأئمة وتنسب إلى أصحابها فقال:" والأقوال إذا حكيت عن قائلها أو نسبت الطوائف إلى متبوعها فإنما ذاك على سبيل التعريف والبيان، وأما المدح والذم والموالاة والمعاداة فعلى الأسماء المذكورة في القرآن العزيز كاسم المسلم والكافر، والمؤمن، والمنافق، والبر والفاجر، والصادق والكاذب، والمصلح والمفسد وأمثال ذلك، وكون القول صواباً أو خطأ يعرف بالأدلة الدالة على ذلك بالمعلومة بالعقل والسمع " [2] .
أما نسبة مذهب أهل السنة إلى الإمام أحمد فقد سبق- في التمهيد عند الحديث عن نشأة أهل السنة - أن نقلنا نصاً عن ابن تيمية يبين السبب في نسبته إلى الإمام احمد وأن مذهب السلف قديم قبل الأئمة الأربعة. ولكن لما امتحن فيه الإمام احمد نسب إليه، ويقول في نص آخر:" والاعتقاد إنما أضيف إلى الإمام أحمد لأنه أظهره وبينه عند ظهور البدع، وإلا فهو كتاب الله وسنة رسوله، حط أحمد منه كحظ غيره من السلف: معرفته والإيمان به، وتبليغه والذب عنه، كما قال بعض أكابر الشيوخ: الاعتقاد لمالك والشافعي ونحوهما من الأئمة، والظهور لأحمد بن حنبل ... [ثم قال:] وأئمة السنة ليسوا مثل أئمة البدعة، فإن أئمة السنة تضاف السنة إليهم لأنهم مظاهر بهم ظهرت، وأئمة البدعة تضاف إليهم لأنهم مصادر عنهم صدرت ... " [3] ، ويقول أيضاً:" فإن احمد بن حنبل لم يبتدع من عنده شيئاً ولكن كان أعلم زمانه بما أنزل الله على رسوله، وما كان عليه الصحابة والتابعون، وكان اتبع الناس لذلك، وابتلي بالمخالفين من أهل الأهواء ومناظرتهم بالخطاب والكتاب والرد عليهم، فأظهر من علوم السلف ما هو متبع فيه كسائر الأئمة قبله، وما من قول يقوله إلا وقد قاله بلفظه أو بمعناه ما شاء الله قبله وفي زمانه، وعلى ذلك من الدلائل ما شاء الله، [1] درء التعارض (1/272) [2] درء التعارض (1/273) [3] نفس المصدر (5/ 5-6)