فالأدلة الشرعية قد تكون سمعية، وقد تكون عقلية نبه عليها الشرع، وشيخ الاسلام دائما ما ينبه إلى أنه لا يمكن أن يتعارض العقل والشرع، ولذلك لم يفصل بين جنس الأدلة-؟ فعل أهل الفلسفة والكلام- فالأدلة قد تكون حسية وتد تكون عقلية وقد تكون شرعية، وكلها صادقة، لأن الكل من عند الله، فالكون مخلوق لله والانسان الذي يعقل ويحس نحلوق لله، والنصوص السمعية منزلة من عند الله، فالذين يتوهمون أنهم قد يعلمون بعقولهم ومقاييسهم أمورا قد يعارضها السمع غالطون أشد الغلط بل ومنحرفون في إيمانهم وثقتهم بما جاء من عند الله من الكتاب والسنة، إذ كلها وحي من الله تعالى، ولهذا يقول شيخ الإسلام منبها إلى أن حصول المعرفة بالشرع على وجوه " أحدها: أن الشرع ينبه على الطريق العقلية التي بها يعرف الصانع، فتكون عقلية شرعية، والثاني: أن المعرفة المنفصلة [1] بأسماء الله وصفاته التى بها يحصل الإيمان تحصل بالشرع كقوله تعالى: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا} [الشورى:52] ، وقوله: {قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحى إلي ربي} [سبأ:50] ، وقوله: {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم} [إبراهيم:[1]] ، وأمثال ذلك من النصوص التي تبين أن اللة هدى العباد بكتابه المنزل على نبيه" [2] .
فالهداية التامة والمعرفة الصادقة التي لا يدخلها شك أعظم ما تغ عن طريق الكتاب والسنة، إن كان ثمة طريق غيرهما تحصل به هذه المعرفة، ويوضح شيخ الإسلام في هذافيقول: " وأما النظر المفيد للعلم فهو ما كان في دليل هاد، والدليل الهادكط- على العموم والاطلاق- هو كماب اللة وسنة نبيه، فإن الذكط جاءت به الشريعة من نوعي النظر: هو ما يفيد وينفع ويحصل الهدى، وهو يذكر اللة وما نزل من الحق، فإذا أراد النظر والاعتبار في الأدلة المطلقة [1] كذ ا، ولعلها: المفصلة. [2] درء التعارض (9/37-38) .