وهو نفس كلامه ... ونظير هذا أن بعض معاصري [1] شيخ الإسلام ممن رد عليه في مسألة الاستغاثة صار يرد على الشيخ من كتابه " الصارم المسلول على منتقص الرسول "، فانظر إلى هذه السذاجة يرد عليه من كتابه " [2] .
يقول ابن تيمية- في المسألة الثانية قضية البكري- بعد أن نقل كلامه في حرص السلف على حمايته - صلى الله عليه وسلم - من السب أو التنقص: " هذا كله منقول من كلام المجيب من كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول، لكنه أزال بهجته وحذف من محاسنه ما ييين حقيقته، فالمجيب هو المنافح عن الله ورسوله، وهذا كلام المتشبع بما لم يعط، ومن تشبع بما لم يعط فهو كلابس ثوبي زور ([3]) " [4] .
هناك ملاحظة أخرى حول منهج ابن تيمية وهي أنه أطال النفس في مناقشة الخصوم من أهل الكلام والفلسفة، ونقل نصوصا طويلة من كتبهم وناقشها، حتى أن القارىء- وقد يكون من المهتمين بمثل هذه القضايا- يجد صعوبة بالغة في ملاحقة الأفكار التي يناقشها، وهذا جزء من منهجه الذي ارتآه، لأنه لا يمكن قطع دابر بعض الشبه إلا بملاحقة أصولها، ومناقشة تلك الأصول التى قد تكون من المسائل الفلسفية التي لابد لردها من عرضها بوضوح ليغ نقضها بوضوح أيضا، وهذه بعض الأسباب نتلمسها من منهجه في هذا: [1] هو البكرى: واسمه علي بن يعقوب بن جبريل البكري الشافعى المصري، أبو الحسن، نور الدين، فقيه أهل القاهرة، هاجم القبط في كنائسهم، وكانت له مواقف من السلطان، رد عليه ابن تيمية في مسألة الاستغاثة، ولد سنة 673 هـ، وتوفي سنة 724 هـ، انظر: البداية والنهاية (14/114) ، والدرر الكامنة (4/3 1 2) ، وطبقات ابن قاضي شهبة (2/ 0 36) ، والأسنوى (1/288) ، وشذرات الذهب (6/64) ، وذيول العبر (ص: 69) . [2] تنبيه النبيه والغبى (ص: 244- هـ 24) . [3] متفق عليه لكن بلفظ " المتشبع "، البخاري كتاب النكاح، باب المتشبع بما لم ينل، رقمه (5219) ، الفتح (9/317) ، رمسلم في اللباس، باب النهي عن التزوير في اللباس ورقمه (2129- 2130) ، وانظر: المقاصد الحسنة (ض: 639) تحقيق الخشت. [4] 1 لاستغاثة (2/360) ..