وكان ذلك في شوال سنة 707 هـ، فأمر بأن يعقد له مجلس فعقد له مجلس يوم الثلاثاء10 شوال 707 هـ، وظهر من علم الشيخ وشجاعته وقوة قلبه الشيء الكثير، فادعى عليه ابن عطاء بأشياء لم يثبت عليه منها شيء، ثم جاء الأمر من الدولة أن يخير بين ثلاثة أشياء، إما أن يسير إلى دمشق، أو الإسكندرية بشروط أو الحبس، فاختار الحبس، ثم دخل عليه جماعة في السفر إلى دمشق ملتزما ما شرط فأجاب أصحابه إلى ما اختاروه جبرا لخواطرهم، ثم لما سافر ليلة 18 شوال، رد من الطريق وقيل: إن الدولة لا ترضى إلا الحبس، واستناب ابن جماعة بعض القضاة أن يحكموا فيه بالحبس فامتنع أحدهم وتحير الآخر، فلما رأى الشيخ توقفهم في حبسه قال: أنا أمضى إلى الحبس وأتبع ما تقتضيه المصلحة، فأرسل إلى حبس القضاة وأذن له بأن يكون معه من يخدمه، فبقي الشيخ في السجن يستفتى في الأمور المعضلة ويجتمع الناس به ليلا ونهارا، وكان له دور عظيم في توجيه المحابيس وإصلاح أحوالهم حتى صار له منهم تلاميذ يختارون الإقامة عنده بعد خروجهم [1] ، ثم عقد له مجلس بالصالحية بعد ذلك كله ونزل الشيخ بالقاهرة بدار ابن شقير وأكب الناس على الاجتماع به ليلا ونهارا حتى دخلت سنة 708 هـ [2] .
5- نقله إلى ثغر الاسكندرية:
لما كثر اجتماع الناس به وترددهم عليه ساء ذلك أعداءه وحصرت صدورهم وصاحب ذلك تطور سياسي فقد تسلطن الجاشنكير- حين خرج الناصر إلى الكرك مكرها بسبب كف يده عمليا عن السلطة [3] - وكان بيعة الجاشنكير في 23 شوال 708 هـ- وكان ابن تيمية وهو يعلم خفايا الأحداث وقصة ذهاب الناصر إلى الكرك- ينال من الجاشنكير ومن شيخه نصر ويقول: [1] انظر: البداية والنهاية (14/45) ، والعقود (ص: 267) وما بعدها، والكواكب (133) . [2] انظر: البداية والنهاية (14/46) . [3] لقد زور علي السلطان كتاب يتضمن عزل نفسه فأثبت ذلك القضاة في مصر، وليس ذلك صحيحا، انظر: البداية والنهاية (14/48) ، وانظر: تحقيقا علميا ودراسة للموضوع في: التاريخ السياسي لشرق الأردن في العصر المملوكي (ص: 154) وما بعدها.