اسم الکتاب : منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة المؤلف : تامر محمد محمود متولي الجزء : 1 صفحة : 214
التصديق"[1]، ولكن هل التصديق مطابق للفظ الإيمان؟ وهل كل تصديق إيمان؟ أي ألا يوجد فرق بين التصديق والإيمان؟
الحق أن ثمة فروق بين "آمن " و" صدق" فالأول مثلاً يتعدى بالحرف، إما بالباء وإما باللام، كما قال تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} [2]، وكما قال: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} [3]. أما "صدق" فإنه يصح تعديته بنفسه فيقال: صدقه.
وكذلك فإنه من حيث الاشتقاق اللغوي نجد أن الإيمان مشتق من الأمن[4]، الذي هو ضد الخوف، فآمن: أي صار داخلاً في الأمن. فهو متضمن مع التصديق معنى الائتمان والأمانة، كما قال: أخوة يوسف: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [5] أي: لا تقرّ بخبرنا ولا تثق به، ولا تطمئن إليه، ولو كنا صادقين، فالتصديق وحده لا يدل على ذلك. [6].
وأيضاً فإن الإيمان لا يقال إلا في الأمور الغيبية التي تعتمد على أمانة المخبر، أما المشاهد المحسوس فيقال فيه: صدوق. كما أن مقابل الإيمان: الكفر، ومقابل التصديق: الكذب.
فالخلاصة إذن أن الإيمان تصديق وزيادة، وهو للإقرار أقرب منه إلى التصديق [7]. [1] انظر: الأزهري: تهذيب اللغة (15/ 513، 514) ط. شركة ومطبعة البابي الحلبي، مصر، الثانية، 1389هـ، ت: عبد السلام هارون، والفيروزآبادي: القاموس المحيط (4/ 199) ط. المؤسسة العربية للطباعة والنشر بيروت. وابن منظور: لسان العرب (54/21) مادة أمن، ط. دار صادر ودار بيروت. وابن فارس: معجم مقاييس اللغة (1/ 133) والرازي: مختار الصحاح (ص:11) ط. مكتبة لبنان. [2] سورة العنكبوت: الآية (26) [3] سورة البقرة: الآية (285) [4] انظر: الراغب: المفردات (ص: 90ـ 91) [5] سورة يوسف: الآية (17) [6] انظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى (7/ 292) [7] ولقد بسط شيخ الإسلام هذا المعنى في عدة مواضع. انظر: مجموع الفتاوى (كتاب الإيمان الكبير: 7/ 122) وما بعدها، و (ص:290) وما بعدها.
اسم الکتاب : منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة المؤلف : تامر محمد محمود متولي الجزء : 1 صفحة : 214