اسم الکتاب : مفهوم الأسماء والصفات المؤلف : سعد بن عبد الرحمن ندا الجزء : 45 صفحة : 84
رحلي، فرجع فنام، فاستيقظ. فإذا راحلته عند رأسه فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" (رواه البخاري) .
ويقول: "يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة" (متفق عليه) . في الآيات والأحاديث التي أوردتها، نجد أفعالا لربنا سبحانه وتعالى وهي: على حسب ترتيب الأحاديث كما يلي:
أفعال: الخداع، المكر، الكيد، الاستهزاء، الإصمام، والإعماء، اللعن، الغضب، الإصلاء، الاستخلاف، الإغراق، السخرية، السخط، النسيان، التدمير، النزول، الفرح، الضحك. فهل يمكن أن نشتق من هذه الأفعال- وأمثالها- أسماء لله تعالى فنسميه جل وعلا بالأسماء الآتية؟: الخادع أو المخادع، الماكر، الكايد، المستهزئ، المصم، المعمي، اللاعن، الغاضب، المُصْلي، المستخلف، المُغرق، الساخر، الساخط، الناسي، المدمر، النازل الفرح، الضاحك؟ لا ينبغي أن نسمي الله بهذه الأسماء، ونقرنها بالأسماء الحسنى كالرحمن، والرحيم، والغفور، والودود، واللطيف، والعلي، والكبير، والسميع، والبصير، ونحو ذلك مما سمى الله تعالى به نفسه من أسمى وأجل وأعظم الأسماء.
والسبب في أنه لا ينبغي ولا يشرع لنا أن نسمي الله سبحانه بمثل تلك الأسماء كالخادع وما ماثل ذلك أمران:
الأمر الأول: أنه لم يرد بها النص في الكتاب أو السنة.
الأمر الثاني: أن من هذه الأسماء (كالخادع أو المخادع، والماكر، والكايد، والمستهزئ، والغاضب، والناسي، والمدمر وما ماثلها) ليست ممدوحة على إطلاقها، بل تمدح في مواضع، وتذم في مواضع أخرى[1]، ومن ثم لا يجوز أن تطلق أفعالها على الله مطلقا، فلا ينبغي أن يقال بإطلاق: إن الله تعالى يخادع أو يستهزئ، أو يغضب؛ أو ينسى، أو يدبر، كما لا ينبغي أن يشتق منها أسماء يسمى بها سبحانه، وذلك لأن الله جل وعلا لم يصف نفسه بالخداع، والمكر، والكيد، والاستهزاء، والغضب، النسيان، والتدمير، وما ماثل ذلك، إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق، أو استحق أن يجازى به بحق على فعله- والجزاء إنما يكون من جنس العمل، فمن خدع يستحق أن يخدع، ومن مكر يستحق أن يمكر به، ومن نسي الله يستحق أن ينساه الله، ومن فسق استحق أن يدمر، وهكذا لا يجازى الله جل وعلا إلا من يستحق المجازاة بالحق والعدل.
إن المخادع حين يخادع بباطل وظلم، أو الماكر حين يمكر بباطل وظلم، أو الكايد حين يكيد بباطل وظلم، أو المستهزئ حين يستهزئ بباطل وظلم، والناسي حين ينسى بباطل وظلم، والفاسق حين يرتكب فسقه بباطل وظلم، يكون أكمل الحكمة من الله تعالى حين يخادعه، أو يمكر به، أو يكيده، أو يستهزئ به، أو ينساه، أو يدمره بالحق والعدل. ومن ثم فلا يشرع أن يوصف الله تعالى بتلك الأفعال المذكورة ولا أن يسمى بأسماء تشتق منها على وجه الإطلاق، لأن الله [1] مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة للإمام ابن القيم الجزء الثاني ص 32 وما بعدها
اسم الکتاب : مفهوم الأسماء والصفات المؤلف : سعد بن عبد الرحمن ندا الجزء : 45 صفحة : 84