اسم الکتاب : معالم أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 107
أَنْكَرُوا نبوته فَالله تَعَالَى ظلل الْجَبَل عَلَيْهِم فَكلما هموا بالمخالفة قرب الْجَبَل مِنْهُم وَصَارَ بِحَيْثُ يَقع عَلَيْهِم وَكلما هموا بِالطَّاعَةِ وَالْإِيمَان تبَاعد الْجَبَل عَنْهُم فَكل من أنصف علم أَن كل من رأى هَذِه الْحَالة علم بِالضَّرُورَةِ أَن ذَلِك يدل على التَّصْدِيق
فَهَذَا هُوَ الْجَواب الْمُعْتَمد فِي هَذَا الْبَاب وَمَتى ضممت إِلَى هَذِه الطَّرِيقَة مَا قَرَّرْنَاهُ فِي الطَّرِيقَة الثَّانِيَة بلغ الْمَجْمُوع مبلغا كَافِيا فِي إِثْبَات الْمَطْلُوب الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة فِي أَن الْأَنْبِيَاء أفضل من الْأَوْلِيَاء
وَيدل عَلَيْهِ النَّقْل وَالْعقل
أما النَّقْل فقلوه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَالله مَا طلعت الشَّمْس وَلَا غربت بعد النَّبِيين أفضل من أبي بكر فَهَذَا يدل على أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ أفضل من كل من لَيْسَ بِنَبِي وَأَنه دون من كَانَ نَبيا وَهَذَا يَقْتَضِي أَن تكون الْأَنْبِيَاء أفضل وأرجح حَالا من غَيرهم
وَأما الْعقل فَهُوَ أَن الْوَالِي هُوَ الْكَامِل فِي ذَاته فَقَط وَالنَّبِيّ هُوَ الَّذِي يكون كَامِلا ومكملا وَمَعْلُوم أَن الثَّانِي أفضل من الأول فَإِن ادّعى بعض الجهلة أَنِّي كملت طَائِفَة من الناقصين فَلْينْظر فِي أَن أَصْحَابه أَكثر عددا وفضيلة أم أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن رأى قومه بِالنِّسْبَةِ إِلَى قوم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعدَد والفضيلة كالقطرة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْبَحْر علم حِينَئِذٍ أَنه عدم بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ
الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة الْمُخْتَار عِنْدِي أَن الْملك أفضل من الْبشر وَيدل عَلَيْهِ وُجُوه