responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 86
وَالْقُوَّة الثَّانِيَة هِيَ الَّتِي تلِي جِهَة تَحت أَعنِي جِهَة الْبدن وتدبيره وسياسته وَبهَا تدْرك النَّفس الْخيرَات فِي الْأَعْمَال وَتسَمى الْعقل العملي وَبهَا يسوس قوى نَفسه ويسوس أهل منزله وَأهل بَلَده
وَاسم الْحِكْمَة لَهَا من وَجه كالمجاز لِأَن معلوماتها كالزيبق تنْقَلب وَلَا تثبت وتختلف باخْتلَاف الْأَحْوَال والأشخاص وَمن معلوماتها أَن بذل المَال فَضِيلَة وَقد يصير رذيلة فِي بعض الْأَوْقَات وَفِي حق بعض الاشخاص فَلذَلِك كَانَ اسْم الْحِكْمَة بِالْأولِ أَحَق وان كَانَ بِالثَّانِي أشهر وَهَذَا الثَّانِي كالكمال والتتمة للْأولِ وَهَذِه هِيَ الْحِكْمَة الخلقية وَالْأولَى هِيَ الْحِكْمَة العلمية النظرية ونعني بالحكمة الخلقية حَالَة وفضيلة للنَّفس الْعَاقِلَة بهَا تسوس الْقُوَّة الغضبية والشهوية وتقدر حركاتهما على الْحَد الْوَاجِب فِي الانقباض والانبساط وَهِي الْعلم بصواب الْأَفْعَال وتدبير أَحْوَال هَذَا الْعَالم مستمد من الْعقل النظري فالعقل النظري يستمد من الْمَلَائِكَة الكليات وَالْعقل العملي يستمد من الْعقل النظري الجزئيات ويسوس الْبدن بِوَاجِب الشَّرْع وَهَذَا على مِثَال الْعقل وَالنَّفس وأجرام السَّمَاء فان الْعقل يدْرك الكليات وَلَيْسَ فِيهِ مَا فِي الْقُوَّة وتدرك النَّفس مِنْهَا الكليات وبواسطة الكليات تدْرك الجزئيات فيحرك السَّمَاوَات فيتحرك من تحريكها العناصر فيتولد مِنْهَا المركبات وَكَذَلِكَ عقلنا يستمد من الْمَلَائِكَة الكليات وَيفِيض الكليات على الْعقل العملي وَالْعقل العملي بِوَاسِطَة الْبدن وَقُوَّة التخيل يدْرك جزئيات عَالم الْبدن فيحركها بِوَاجِب الشَّرْع فيتولد مِنْهَا الاخلاق الجميلة
وَهَذِه الْفَضِيلَة الخلقية يكتنفها رذيلتان الخب والبله
أما الخب فَهُوَ طرف إفراطها وزيادتها وَهُوَ حَالَة يكون الْإِنْسَان بهَا ذَا مكر وحيلة بِإِطْلَاق الغضبية والشهوية لتتحركا إِلَى الْمَطْلُوب حَرَكَة زَائِدَة على قدر الْوَاجِب

اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 86
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست