responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 80
النَّبَات الَّذِي هُوَ كجنس جنسه ثمَّ تُوجد فِيهِ قُوَّة الحمية ثمَّ آخرا تُوجد فِيهِ قُوَّة الْفِكر والنطق والتمييز وَلَا يصير الانسان خَارِجا من جملَة الْبَهَائِم وَأسر الْهوى إِلَّا باماتة الشَّهَوَات أَو بقهرها وقمعها إِن لم يُمكنهُ إماتته إِيَّاهَا فَهِيَ الَّتِي تضره وتعزه وتعوقه وتصرفه عَن طَرِيق الْآخِرَة وتثبطه وَمَتى قمعها أَو أماتها صَار الْإِنْسَان حرا نقيا بل إلهيا ربانيا فتقل حاجاته وَيصير غَنِيا عَمَّا فِي يَدي غَيره وسخيا بِمَا فِي يَده ومحسنا فِي معاملاته
وَأما مَنْفَعَتهَا فَهِيَ أَن هَذِه الشَّهْوَة مهما أدبت فَهِيَ المبلغة للسعادة وَجوَار رب الْعِزَّة حَتَّى لَو تصورت مُرْتَفعَة لما أمكن الْوُصُول إِلَى الْآخِرَة وَذَلِكَ أَن الْوُصُول إِلَى الْآخِرَة بِالْعبَادَة وَلَا سَبِيل إِلَى الْعِبَادَة إِلَّا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَوِيَّة وَلَا سَبِيل إِلَى الْحَيَاة الدُّنْيَوِيَّة إِلَّا بِحِفْظ الْبدن وَلَا سَبِيل لحفظه إِلَّا باعادة مَا يتَحَلَّل مِنْهُ وَلَا سَبِيل إِلَى اعادة مَا يتَحَلَّل مِنْهُ إِلَّا بتناول الأغذية وَلَا يُمكن تنَاول الأغذية إِلَّا بالشهوة
وَأَيْضًا فان الدُّنْيَا مزرعة الْآخِرَة وقوام عمَارَة الأَرْض وتزجيه المعاش بِهَذِهِ الشَّهْوَة فَلَو تصورت مُرْتَفعَة لاختل نظام الدّين وَالدُّنْيَا وَارْتَفَعت الْمُعَامَلَات من بَين النَّاس وَارْتَفَعت الشَّرِيعَة والسياسة فاذا هَذِه الْقُوَّة الشهوية مثل عَدو يخْشَى مضرته من وَجه ويرجى منفعَته من وَجه وَمَعَ عداوته لَا يسْتَغْنى عَن الِاسْتِعَانَة بِهِ فَحق الْعَاقِل أَن يَأْخُذ نَفعه وَلَا يركن اليه وَلَا يعْتَمد عَلَيْهِ الا بِقدر مَا ينْتَفع بِهِ وَمَا أصدق فِي ذَلِك قَول المتنبي
وَمن نكد الدُّنْيَا على الْحر أَن يرى ... عدوا لَهُ مَا من صداقته بُد
وَمن نوافذ الْحِيَل فِي قمع هَذِه الشَّهْوَة أَن يتسلط بِقُوَّة الحمية على قُوَّة

اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 80
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست