responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 42
من الْبشرَة عَن قُوَّة اللَّمْس وَلَا يُوجد حَيَوَان إِلَّا وَفِيه قُوَّة اللَّمْس
وَالْحكمَة فِي الْقُوَّة اللمسية هِيَ أَن الْحِكْمَة الإلهية لما اقْتَضَت أَن يكون حَيَوَان يَتَحَرَّك بالارادة مركبا من العناصر وَكَانَ لَا يُؤمن عَلَيْهِ اضرار الْأَمْكِنَة المتعاقبة عَلَيْهِ عِنْد الْحَرَكَة أيد بِالْقُوَّةِ اللمسية حَتَّى يهرب بهَا من الْمَكَان الْغَيْر الملائم ويقصد بهَا الْمَكَان الملائم
ثمَّ يَليهَا من الْحَواس حاسة الشم وَلما كَانَ مثله من الْحَيَوَانَات لَا تَسْتَغْنِي جبلته عَن التغذي وَكَانَ اكتسابه للغذاء بِتَصَرُّف ارادي وَكَانَ من الْأَطْعِمَة مَا لَا يُوَافقهُ وَمِنْهَا مَا يُوَافقهُ أيد بِالْقُوَّةِ الشمية اذا كَانَت الروائح تدل الْحَيَوَان على الأغذية الملائمة دلَالَة قَوِيَّة
وحاسة الشم قُوَّة مبثوثة فِي زائدتي الدِّمَاغ كحلمتي الثدي وَيدْرك بهَا الروائح الْمُخْتَلفَة الطّيبَة مِنْهَا والكريهة وَالْحَامِل لَهَا أَيْضا جسم لطيف فِي الحلمتين والممد لَهَا الْهَوَاء اللَّطِيف لَا على أَنه ينْقل الرَّائِحَة من المتروح إِلَى الحاسة فَقَط بل على أَنه يَسْتَحِيل إِلَيْهِ بالمجاورة كَمَا يَسْتَحِيل بمجاورة النَّار والمبرد والهواء بلطافته أسْرع قبولا للروائح مِنْهُ للحرارة والبرودة وَهَذِه الْقُوَّة فِي الْحَيَوَانَات أَشد وَأكْثر وَأول مَا يتَّصل بالجنين بعد قُوَّة اللَّمْس هُوَ قُوَّة الشم وَلِهَذَا تحفظ الْأُم عَن الروائح الكريهة وَأَن لاتشم شَيْئا من المطعومات إِلَّا أَكلته حَتَّى لَا يظْهر خلل فِي الْجَنِين وَقد يظنّ أَن النملة تحس بحس الشم حبا من الْحُبُوب فَتخرج من الْبَيْت فتطلبه وَتصل اليه وان كَانَ من وَرَاء جِدَار وَلَيْسَ ذَلِك شما مُجَردا بل هُوَ حس وَقُوَّة فِي حس وَكَيف لَا وَالْمَطْلُوب رُبمَا لَا تكون لَهُ رَائِحَة وَقد يعبر كثيرا عَن الْحس بالشم وَفِي الْخَبَر الْأَرْوَاح جنود مجندة تشام كَمَا تشام الْخَيل فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف وَإِنَّمَا المُرَاد بالتشام الاحساس
اما حاسة الذَّوْق فَهِيَ أَيْضا طَلِيعَة تعرف الطعوم الْمُوَافقَة والمنافية وَهِي قُوَّة

اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 42
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست