responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 25
زِيَادَة ايضاح من جِهَة الادراك

فَنَقُول إِنَّك تدْرك فِي جَمِيع الْأَحْوَال ذاتك فَمَاذَا تدْرك فَإِنَّهُ لَا بُد من مدرك فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون أحد مشاعرك ظَاهرا أَو عقلك أَو قُوَّة غير مشاعرك فَإِن كَانَ عقلك فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون ذَلِك الادراك بوسط أَو بِقِيَاس أَو بِقُوَّة متوسطة بَين الادراك وَالنَّفس أَو بِغَيْر وسط وَمَا أَظُنك تفْتَقر فِي ذَلِك الى وسط فَإِنَّهُ لَو كَانَ ثمَّ وسط لما أدْركْت ذاتك 4 فانه لَا وسط بَين ذاتك وشعورك بذاتك فَبَقيَ أَن تدْرك بِغَيْر وسط واذا كَانَ كَذَلِك فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون ذَلِك الادراك بمشاعرك أَو بذاتك وَلَا يتَصَوَّر أَن يكون بمشاعرك فَإِن الْحَواس لَا تدْرك إِلَّا الْأَجْسَام وَمَا يتَعَلَّق بالأجسام من الألوان والنغمات وَغير ذَلِك فَبَقيَ أَنَّك تدْرك ذاتك بذاتك فَمن هَذَا ثَبت أَنَّك جَوْهَر مفارق
وَهَذَا الْبَيَان الْخَاص إِمَّا ضائع وَإِمَّا قَاطع ضائع للمغفلين الَّذين لم يلحظوا إِلَّا بِعَين السخط فَإِن من يلحظ مُقَدّمَة بِعَين السخط كَانَ الشَّك أسْرع اليه من المَاء الى الحدور أما للمستبصرين فَهُوَ قَاطع
فَإِن قَالَ قَائِل إِنَّمَا أثبت ذاتي بوسط وَذَلِكَ الْوسط هُوَ فعل من أفعالي فأستدل بأفعالي على وجود النَّفس فَالْجَوَاب عَن هَذَا من وَجْهَيْن أَحدهمَا ان هَذَا لَا يتمشى فِي الْفَرْض الْمَذْكُور فانا جعلناك بمعزل عَن الْأَفْعَال وَمَعَ هَذَا تثبت ذاتك وانيتك وَالثَّانِي ان هَذَا الْفِعْل إِمَّا ان تثبته فعلا مُطلقًا فَيجب ان تثبت بِهِ فَاعِلا مُطلقًا لَا نَفسك وان أثْبته فعلا مُطلقًا فَيجب ان تثبت بِهِ فَاعِلا مُطلقًا لَا نَفسك وَإِن اثبته فعلك وخصصته بالاضافة فقد اثْبتْ اولا نَفسك وادركت اولا ذاتك فَإنَّك اخذت ذاتك جُزْءا من فعلك والشعور بالجزء قبل الشُّعُور بِالْكُلِّ اولا اقل من ان يكون مَعَه فذاتك إِذا مثبتة مَعَه اَوْ قبله لَا بِهِ وَهَذَا فصل لطيف يبتنى عَلَيْهِ بَاب من الْمعرفَة شرِيف كَمَا سنذكر ان شَاءَ الله تَعَالَى

اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 25
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست