responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 176
كُله هُوَ الأول بِلَا أول كَانَ قبله الآخر بِلَا آخر يكون بعده الَّذِي قصرت عَن رُؤْيَته أبصار الناظرين وعجزت عَن نَعته أَوْهَام الواصفين ابتدع الْخلق بقدرته ابتداعا واخترعهم على مَشِيئَته اختراعا
فَأَشْرَف المبدعات هُوَ الْعقل أبدعه بِالْأَمر من غير سبق مَادَّة وزمان وَمَا هُوَ إِلَّا مَسْبُوق بِالْأَمر فَقَط وَلَا يُقَال فِي الْأَمر أَنه مَسْبُوق بالباري تَعَالَى وَلَا مَسْبُوق بل التَّقَدُّم والتأخر انما يعتوران على الموجودات الَّتِي هِيَ تَحت التضاد والباري تَعَالَى هُوَ الْمُقدم الْمُؤخر لَا الْمُتَقَدّم الْمُتَأَخر وَمَا دون الْعقل هُوَ النَّفس وَهُوَ مَسْبُوق بِالْعقلِ وَالْعقل مُتَقَدم عَلَيْهِ بِالذَّاتِ لَا بِالزَّمَانِ وَالْمَكَان والمادة فالسبق بِالذَّاتِ انما ابْتَدَأَ من الْعقل فَقَط والسبق بِالزَّمَانِ إِنَّمَا ابْتَدَأَ من النَّفس والسبق بِالْمَكَانِ انما ابْتَدَأَ من الطبيعة فالطبيعة إِذا سَابِقَة على الْمَكَان والمكانيات وَلَا يعتورها الْمَكَان بل يبتدي الْمَكَان من تحريكها أَو حركتها فِي الْجِسْم وَالنَّفس سَابِقَة على الزَّمَان والزمانيات وَلَا يعتورها الزَّمَان بل الزَّمَان والدهر يبتدىء مِنْهَا أَعنِي من شوقها إِلَى كَمَال الْعقل وَالْعقل سَابق على الذوات والذاتيات وَلَا يعتوره الذَّات والجوهرية بل الجوهرية انما تبتدىء مِنْهُ أَعنِي هُوَ مبدأ الْجَوَاهِر وَالسَّابِق على الذوات والجواهر والدهر وَالزَّمَان وَالْمَكَان والجسم والمادة وَالصُّورَة وَلَا يُوصف بِشَيْء مِمَّا تَحْتَهُ إِلَّا بالمجاز وَمن لَهُ الْخلق وَالْأَمر فَلهُ الْملك وَالْملك وَهُوَ الأول وَالْآخر حَتَّى يعلم أَنه لَيْسَ بزماني وَهُوَ الظَّاهِر وَالْبَاطِن حَتَّى يعلم أَنه لَيْسَ بمكاني جلّ جَلَاله وتقدست أسماؤه ونعني بِالْأَمر الْقُوَّة الالهية وَالَّذِي يُقَال من أَن الْعقل صدر عَنهُ بالابداع شَيْء لَيْسَ ادِّعَاء بِأَنَّهُ الْمُبْدع كلا بل نعني بِهِ تَنْزِيه الْحق الأول أَن يفعل بِالْمُبَاشرَةِ فَأَما الْمُبْدع بِالْحَقِيقَةِ فَهُوَ من لَهُ الْخلق وَالْأَمر تبَارك اسْمه
وكما أَن النَّفس وَاحِدَة وَلها قوى واشراقها على الْبدن وَالروح الحيواني يفعل فِي كل مَوضِع فعلا آخر لاخْتِلَاف القوى فَفِي مَوضِع الابصار وَفِي مَوضِع السّمع وَفِي مَوضِع الشم وَفِي مَوضِع الْحس الْمُشْتَرك وَفِي مَوضِع التخيل والتوهم وَغير

اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 176
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست