responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 160
والوضوح وتنقلب مُشَاهدَة فَلَا يكون بَين الْمُشَاهدَة فِي الْآخِرَة والمعلوم فِي الدُّنْيَا اخْتِلَاف إِلَّا من حَيْثُ زِيَادَة الْكَشْف والوضوح فَإِذا لم يكن فِي الْمعرفَة إِثْبَات صُورَة وجهة فَلَا يكون فِي استكمال الْمعرفَة بِعَينهَا وترقيها فِي الوضوح إِلَى غَايَة الْكَشْف أَيْضا جِهَة وَصُورَة لِأَنَّهَا هِيَ بِعَينهَا إِلَّا فِي زِيَادَة الْكَشْف كَمَا أَن الصُّورَة المرئية هِيَ المتخيلة بِعَينهَا إِلَّا فِي زِيَادَة الْكَشْف وَلِهَذَا لَا يفوز بِدَرَجَة النّظر والرؤية إِلَّا العارفون فِي الدُّنْيَا لِأَن الْمعرفَة هِيَ الْبذر الَّذِي يَنْقَلِب فِي الْآخِرَة مُشَاهدَة كَمَا تنْقَلب النواة شَجَرَة والبذور زرعا وَمن لَا نواة لَهُ فَكيف يحصل لَهُ نخل فَكَذَلِك من لَا يعرف الله فِي الدُّنْيَا فَكيف يرَاهُ فِي الْآخِرَة
وَلما كَانَت الْمعرفَة على دَرَجَات مُتَفَاوِتَة كَانَ التجلي أَيْضا على دَرَجَات مُتَفَاوِتَة فاختلاف التجلي بِالْإِضَافَة إِلَى اخْتِلَاف المعارف كاختلاف النَّبَات بالاضافة إِلَى اخْتِلَاف البذور إِذْ تخْتَلف لَا محَالة بكثرتها وقلتها وحسنها وقوتها وضعفها وَلذَلِك قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِن الله تجلى للنَّاس عَامَّة وَلأبي بكر خَاصَّة لِأَنَّهُ فضل النَّاس بسر وقر فِي صَدره بِلَا جرم تفرد يالتجلي وكل من لم يعرف الله فِي الدُّنْيَا لَا يرَاهُ فِي الْآخِرَة إِذْ لَيْسَ يسْتَأْنف لأحد فِي الْآخِرَة مَا لم يَصْحَبهُ من الدُّنْيَا وَلَا يحصد أحد إِلَّا مَا زرع وَلَا يحْشر الْمَرْء إِلَّا على مَا مَاتَ عَلَيْهِ وَلَا يَمُوت إِلَّا على مَا عَاشَ عَلَيْهِ فَمَا صَحبه من الْمعرفَة هِيَ الَّتِي يتنعم بهَا بِعَينهَا فَقَط إِلَّا انها تنْقَلب مُشَاهدَة بكشف الغطاء عَنْهَا فتتضاعف اللَّذَّة كمل تتضاعف لَذَّة العاشق إِذْ استبدل بخيال صُورَة المعشوق رُؤْيَة صورته فان ذَلِك هُوَ مُنْتَهى لذته فاذا نعيم الْجنَّة بِقدر حب الله تَعَالَى وَحب الله تَعَالَى بِقدر الْمعرفَة فَأصل السعادات هِيَ الْمعرفَة الَّتِي عبر الشَّرْع عَنْهَا بالايمان
فَإِذا قلت فلذة الرُّؤْيَة إِن كَانَ لَهَا نِسْبَة إِلَى لَذَّة الْمعرفَة فَهِيَ قَليلَة وَإِن كَانَت أضعافها لِأَن لَذَّة الْمعرفَة فِي الدُّنْيَا قَليلَة ضَعِيفَة فتضاعفها إِلَى حد قريب لَا يَنْتَهِي فِي الْقُوَّة إِلَى إِن يستحقر سَائِر لذات الْجنَّة فِيهَا

اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 160
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست