responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 149
كالخائف يجد اللَّذَّة وَلَا يشْعر بهَا وَهَذَا أصل وَأَيْضًا قد تكون الْقُوَّة الداركة ممنوة بضد مَا هُوَ كمالها وَلَا يحس بِهِ وَلَا ينفر عَنهُ حَتَّى اذا زَالَ العائق رَجَعَ الى غريزته فتأذت بِهِ مثل الممرور فَرُبمَا لَا يحس بمرارة فَمه الى ان يصلح مزاجه وينقي أعضاءه فَحِينَئِذٍ ينفر عَن الْحَال الْعَارِضَة لَهُ وَكَذَلِكَ قد يكون الْحَيَوَان غير مشته للغذاء الْبَتَّةَ وَهُوَ أوفق شَيْء لَهُ وكارها لَهُ وَيبقى عَلَيْهِ مُدَّة طَوِيلَة فاذا زَالَ العائق عَاد الى واجبه فِي طبعه فَاشْتَدَّ جوعه وشهوته للغذاء حَتَّى لَا يصبر عَنهُ وَيهْلك عِنْد فقدانه وَكَذَلِكَ قد يحصل سَبَب الْأَلَم الْعَظِيم مثل حرق النَّار وتبريد الزَّمْهَرِير إِلَّا أَن الْحس قد أَصَابَته آفَة فَلَا يتَأَذَّى الْبدن بِهِ حَتَّى تَزُول الآفة فيحس بِهِ حِينَئِذٍ
فاذا تقررت هَذِه الْأُصُول فَنَقُول إِن النَّفس الناطقة كمالها الْخَاص بهَا أَن يصير عَالما عقليا مرتسما فِيهِ صُورَة الْكل والنظام الْمَعْقُول فِي الْكل وَالْخَيْر الفائض فِي الْكل مُبْتَدأ من مبدأ الْكل وسالكا إِلَى الْجَوَاهِر الشَّرِيفَة الروحانية الْمُطلقَة ثمَّ الروحانيات الْمُعَلقَة نوعا مَا من التَّعَلُّق بالأبدان ثمَّ الْأَجْسَام العلوية بهيئاتها وقواها ثمَّ كَذَلِك حَتَّى تستوفي فِي نَفسهَا هَيْئَة الْوُجُود كُله فينقلب عَالما معقولا موازيا للْعَالم الْمَوْجُود كُله مشاهدا لما هُوَ الْحسن الْمُطلق وَالْجمال الْمُطلق ومتحدا بِهِ ومنتقشا بمثاله وهيئته ومنخرطا فِي سلكه وصايرا من جوهره
فاذا قيس هَذَا بالكمالات المعشوقة الَّتِي للقوى الْأُخْرَى تُوجد فِي الْمرتبَة الَّتِي بِحَيْثُ يقبح مَعهَا أَن يُقَال إِنَّه أفضل وَأتم مِنْهَا بل لانسبة لَهَا الْبَتَّةَ بِوَجْه من الْوُجُوه فَضِيلَة وتماما وَكَثْرَة ودواما وَكَيف يُقَاس الدَّوَام الأبدي بدوام الْمُتَغَيّر الْفَاسِد وَكَذَلِكَ شدَّة الْوُصُول فَكيف يكون مَا وُصُوله بملاقاة السطوح والأجسام بِالْقِيَاسِ الى مَا وُصُوله بالسريان فِي جَوْهَر الشَّيْء كَأَنَّهُ هُوَ بِلَا انْفِصَال اذا الْعقل والمعقول وَاحِد أَو قريب من الْوَاحِد وَأما أَن الْمدْرك فِي نَفسه أكمل فَهُوَ أَمر لَا يخفى وَأما انه أَشد إدراكا فَأمر أَيْضا يكْشف عَنهُ أدنى بحث فَإِنَّهُ أَكثر عددا للمدركات وَأَشد تقصيا للمدرك وتجريدا لَهُ عَن الزَّوَائِد الْغَيْر الدَّاخِلَة فِي

اسم الکتاب : معارج القدس في مدارج معرفه النفس المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست