responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القبول بشرح سلم الوصول المؤلف : الحكمي، حافظ بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 376
قِسْمٌ مِنْهُمَا يَفْعَلُهُ الْأَحْيَاءُ, وَقِسْمٌ مِنْهُمَا يَفْعَلُهُ الْأَمْوَاتُ وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ مَا يَفْعَلُهُ الْأَمْوَاتُ فِعْلًا لِلْأَحْيَاءِ, وَالْقُرْآنُ مَفْعُولٌ وَهُوَ عَرَضٌ وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ فَعَلَهُ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يُحِيلُونَ أَنْ تَكُونَ الْأَعْرَاضُ فِعْلًا لِلَّهِ وَزَعَمُوا أَنَّ الْقُرَآنَ فِعْلٌ لِلْمَحَلِّ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْهُ إِذَا سُمِعَ مِنَ الشَّجَرَةِ فَهُوَ فِعْلٌ لَهَا, وَحَيْثُ سُمِعَ فَهُوَ فِعْلُ الْمَحَلِّ الَّذِي حَلَّ فِيهِ. الْفِرْقَةُ السَّادِسَةُ يَزْعُمُونَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ عَرَضٌ مَخْلُوقٌ وَأَنَّهُ يُوجَدُ فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ, وَهَذَا قَوْلُ. الْإِسْكَافِيِّ. وَاخْتَلَفَتِ الْمُعْتَزِلَةُ فِي كَلَامِ اللَّهِ هَلْ يَبْقَى؟ فقالت فرقة منه: يَبْقَى بَعْدَ خَلْقِهِ, وَقَالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى: لَا يَبْقَى, وَإِنَّمَا يُوجَدُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ ثُمَّ يُعْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ مِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ الْأَصْلِ الْبَاطِلِ الْمُخَالِفِ لِجَمِيعِ كُتُبِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ وَالْفِطَرِ مِنْ جَحْدِ صِفَاتِ الرَّبِّ وَتَعْطِيلِ حَقَائِقِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَنَفْيِ قِيَامِ الْأَفْعَالِ بِهِ, فَلَمَّا أَصَّلُوا أَنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ وَصْفٌ وَلَا فِعْلٌ كَانَ مِنْ فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ أَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالْقُرْآنِ وَلَا بِغَيْرِهِ, وَأَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ, وَطَرْدُ ذَلِكَ إِنْكَارُ رُبُوبِيَّتِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ فَإِنَّ رُبُوبِيَّتَهُ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِكَوْنِهِ فَعَّالًا مُدَبِّرًا مُتَصَرِّفًا فِي خَلْقِهِ يَعْلَمُ وَيُقَرِّرُ وَيُرِيدُ وَيَسْمَعُ وَيُبْصِرُ, فَإِذَا انْتَفَتْ عَنْهُ صِفَةُ الْكَلَامِ انْتَفَى الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَلَوَازِمُهُمَا وَذَلِكَ يَنْفِي حَقِيقَةَ الْإِلَهِيَّةِ, فَطَرَدَ مَا أَصَّلُوهُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَيْسَ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَا إِلَهٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ لَا رَبَّ غَيْرُهُ وَلَا إِلَهَ سِوَاهُ.
الْمَذْهَبُ الرَّابِعُ مَذْهَبُ "الْكُلَّابِيَّةِ" أَتْبَاعِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كُلَّابٍ أَنَّ الْقُرْآنَ مَعْنًى قَائِمٌ بِالنَّفْسِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُدْرَةِ وَالْمَشِيئَةِ, وَأَنَّهُ لَازِمٌ لِذَاتِ الرَّبِّ كَلُزُومِ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ, وَأَنَّهُ لَا يُسْمَعُ عَلَى الْحَقِيقَةِ, وَالْحُرُوفُ وَالْأَصْوَاتُ حِكَايَةٌ لَهُ دَالَّةٌ عَلَيْهِ وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ, وَهِيَ أَرْبَعَةُ مَعَانِيَ فِي نَفْسِهِ: الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ وَالِاسْتِفْهَامُ. فَهِيَ أَنْوَاعٌ لِذَلِكَ الْمَعْنَى الْقَدِيمِ الَّذِي لَا يُسْمَعُ, وَذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ الْمَتْلُوُّ الْمَقْرُوءُ, وَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ, وَالْأَصْوَاتُ وَالْحُرُوفُ هِيَ تِلَاوَةُ الْعِبَادِ وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَوَّلُ مَنْ يُعْرَفُ أَنَّهُ قَالَ بِهِ ابْنُ كُلَّابٍ وَبَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ لَا بُدَّ أَنْ يَقُومَ بِالْمُتَكَلِّمِ, وَالْحُرُوفُ وَالْأَصْوَاتُ حَادِثَةٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَقُومَ بِذَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ, فَهِيَ مَخْلُوقَةٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنِ الرَّبِّ, وَالْقُرْآنُ اسْمٌ لِذَلِكَ الْمَعْنَى وَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ.

اسم الکتاب : معارج القبول بشرح سلم الوصول المؤلف : الحكمي، حافظ بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 376
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست