responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القبول بشرح سلم الوصول المؤلف : الحكمي، حافظ بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 372
وَفِرْقَةٌ نَفَتْ تَقْدِيرَ الشَّرِّ دُونَ الْخَيْرِ فَجَعَلُوا الْخَيْرَ مِنَ اللَّهِ وَجَعَلُوا الشَّرَّ مِنَ الْعَبْدِ, ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَنْفِي تَقْدِيرَ الشَّرِّ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ دُونَ تَقْدِيرِهِ فِي الْمَصَائِبِ, وَمِنْهُمْ مَنْ غَلَا فَنَفَى تَقْدِيرَ الشَّرِّ مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْمَعَايِبِ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَدْ أَثْبَتُوا مَعَ اللَّهِ تَعَالَى خَالِقًا بَلْ جَعَلُوا الْعِبَادَ مَعَهُ خَالِقِينَ كُلَّهُمْ, وَنَفَوْا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الْمُتَفَرِّدَ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَلَكُوتِهِ؛ وَهَذَا رَاجِعٌ إِلَى مَذْهَبِ الْمَجُوسِ الثَّنَوِيَّةِ الَّذِينَ أَثْبَتُوا خَالِقَيْنِ: خَالِقًا لِلْخَيْرِ وَخَالِقًا لِلشَّرِّ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.
الطَّائِفَةُ الْخَامِسَةُ: الْجَبْرِيَّةُ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْعَبْدَ مَجْبُورٌ عَلَى أَفْعَالِهِ قَسْرًا وَلَا فِعْلَ لَهُ أَصْلًا بَلْ إِثْبَاتُ الْفِعْلِ لِلْعَبْدِ هُوَ عَيْنُ الشِّرْكِ عِنْدَهُمْ بَلْ هُوَ كَالْهَاوِي مِنْ أَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ وَكَالسَّعَفَةِ تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ لَمْ يَعْمَلْ بِاخْتِيَارِهِ طَاعَةً وَلَا مَعْصِيَةً وَلَمْ يُكَلِّفْهُ اللَّهُ وُسْعَهُ بَلْ حَمَّلَهُ مَا لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ, وَلَمْ يَخْلُقْ فِيهِ اخْتِيَارًا لِأَفْعَالِهِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهَا بَلِ الطَّاعَةُ وَالْعِصْيَانُ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ هِيَ عِنْدَهُمْ عَيْنُ فِعْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, فَرَفَعُوا اللَّوْمَ عَنْ كُلِّ كَافِرٍ وَفَاسِقٍ وَعَاصٍ وَأَنَّهُ يُعَذِّبُهُمْ عَلَى نَفْسِ فِعْلِهِ لَا عَلَى أَعْمَالِهِمُ الْقَبِيحَةِ, ثُمَّ اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمَعَاصِيَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا فِي كُتُبِهِ وَعَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ إِذَا عَمِلُوهَا صَارَتْ طَاعَاتٌ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ أَطَعْنَا مَشِيئَةَ اللَّهِ الْكَوْنِيَّةَ فِينَا, بَلْ لَمْ يُثْبِتُوا الْإِرَادَةَ الشَّرْعِيَّةَ الْبَتَّةَ وَمَنْ يُثْبِتُهَا مِنْهُمْ يَقُولُ فِي الطَّاعَاتِ أَطَعْنَا الْإِرَادَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَفِي الْمَعَاصِي الَّتِي سَمَّاهَا اللَّهُ مَعَاصِيَ أَطَعْنَا الْإِرَادَةَ الْكَوْنِيَّةَ وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يُثْبِتُوا مَعْصِيَةً أَصْلًا بَلْ أَفْعَالُهُمْ جَمِيعُهَا حُسْنُهَا وَقَبِيحُهَا كُلُّهَا عِنْدَهُمْ طَاعَاتٌ عَلَى أَصْلِهِمْ هَذَا الْفَاسِدِ, وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ مِنْهُمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَوَعْدَهُ وَوَعِيدَهُ وَفَرْضَهُ عَلَى عِبَادِهِ جِهَادَ الْكُفَّارِ وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ بَلْ فِي إِرْسَالِهِ الرُّسُلَ وَإِنْزَالِهِ الْكُتُبَ, فَيَجِبُ عِنْدَهُمْ تَعْطِيلُ الشَّرَائِعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالِاحْتِجَاجِ عَلَى نَفْيِهَا بِالْقَدَرِ الْكَوْنِيِّ وَمُحَارَبَتِهَا بِهِ وَإِثْبَاتِ الْحُجَّةِ عَلَى اللَّهِ لِكُلِّ كَافِرٍ وَفَاسِقٍ وَعَاصٍ وَهَذَا كُفْرٌ لَمْ يَسْبِقْهُمْ إِلَيْهِ غَيْرُ إِمَامِهِمْ إِبْلِيسَ اللَّعِينِ إِذْ يَحْتَجُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِحُجَّتِهِمْ هَذِهِ فَقَالَ: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي} وَالْعَجَبُ أَنَّ هَذَا الْمَذْهَبَ الْمَخْذُولَ مَوْرُوثٌ عَنْ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ مَعَ تَنَاقُضِهِ فِي إِثْبَاتِ أَفْعَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهُ لَا يُثْبِتُ لِلَّهِ تَعَالَى فِعْلًا يَقُومُ بِذَاتِهِ أَصْلًا بَلْ أَفْعَالُهُ خَارِجَةٌ عَنْهُ قَائِمَةٌ بِغَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ, ثُمَّ يَنْقُضُ ذَلِكَ بِجَعْلِهِ أَفْعَالَ الْعِبَادِ أَفْعَالَ اللَّهِ, وَهَذَا تَنَاقُضٌ بَيِّنٌ

اسم الکتاب : معارج القبول بشرح سلم الوصول المؤلف : الحكمي، حافظ بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 372
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست