responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القبول بشرح سلم الوصول المؤلف : الحكمي، حافظ بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 269
"لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ" كَمَا يَقُولُ الزَّنَادِقَةُ مِنَ الْحُلُولِيَّةِ وَالِاتِّحَادِيَّةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ, تَعَالَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِهِ مَخْلُوقًا, قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشُّورَى: 52] وَقَالَ تَعَالَى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الْأَعْرَافِ: 54] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 83] فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ الْخَلْقَ غَيْرُ الْأَمْرِ وَأَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ أَمْرِهِ لَا مِنْ خَلْقِهِ وَقَالَ: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النَّحْلِ: 40] فَكُنْ مِنْ كَلَامِهِ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ, وَالشَّيْءُ الْمُرَادُ الْمَقُولُ لَهُ "كُنْ" مَخْلُوقٌ, وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آلِ عِمْرَانَ: 9] فَعِيسَى وَآدَمُ مخلوقان بكن و"كن" قَوْلُ اللَّهِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ, وَلَيْسَ الشَّيْءُ الْمَخْلُوقُ هُوَ كُنْ, وَلَكِنَّهُ كَانَ بِقَوْلِ اللَّهِ لَهُ كُنْ.
وَقَدِ انْعَقَدَ إِجْمَاعُ سَلَفِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ قَضَوْا بِالْحَقِّ وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو قَوْلُهُ مِنْ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ خَلَقَهُ فِي ذَاتِهِ, أَوْ فِي غَيْرِهِ, أَوْ مُنْفَصِلًا مُسْتَقِلًّا, وَكُلُّ الثَّلَاثِ كُفْرٌ صَرِيحٌ؛ لِأَنَّهُ إِنْ قَالَ خَلَقَهُ فِي ذَاتِهِ فَقَدْ جَعَلَ ذَاتَهُ مَحَلًّا لِلْمَخْلُوقَاتِ. وَإِنْ قَالَ إِنَّهُ خَلَقَهُ فِي غَيْرِهِ فَهُوَ كَلَامُ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَيَكُونُ الْقُرْآنُ عَلَى هَذَا كَلَامَ كُلِّ تَالٍ لَهُ وَهَذَا قَوْلُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فِيمَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ، فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ، سَأُصْلِيهِ سَقَرَ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ، لَا تُبْقَى وَلَا تَذَرُ، لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} [الْمُدَّثِّرِ: 18-29] الْآيَاتِ. وَإِنْ قَالَ إِنَّهُ خَلَقَهُ مُنْفَصِلًا مُسْتَقِلًّا فَهَذَا جُحُودٌ لِوُجُودِهِ مُطْلَقًا إِذْ لَا يُعْقَلُ وَلَا يُتَصَوَّرُ كَلَامٌ يَقُومُ بِذَاتِهِ بِدُونِ مُتَكَلِّمٍ, كَمَا لَا يُعْقَلُ سَمْعٌ بِدُونِ سَمِيعٍ وَلَا بَصَرٌ بِدُونِ بَصِيرٍ وَلَا عِلْمٌ بِدُونِ عَالِمٍ وَلَا إِرَادَةٌ بِدُونِ مُرِيدٍ وَلَا حَيَاةٌ بِدُونِ حَيٍّ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ, تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا, فَهَذِهِ الثَّلَاثُ لَا خُرُوجَ لِزِنْدِيقٍ مِنْهَا وَلَا جَوَابَ لَهُ عَنْهَا فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ, وَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ

اسم الکتاب : معارج القبول بشرح سلم الوصول المؤلف : الحكمي، حافظ بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 269
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست