responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارج القبول بشرح سلم الوصول المؤلف : الحكمي، حافظ بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 119
وَالْغَضْبَانَ وَاللَّاعِنَ إِلَى أَضْعَافِ أَضْعَافِ ذَلِكَ مِنَ الَّتِي أَطْلَقَ تَعَالَى عَلَى نَفْسِهِ أَفْعَالَهَا فِي الْقُرْآنِ, وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ وَلَا عَاقِلٌ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يَصِفْ نَفْسَهُ بِالْكَيْدِ وَالْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْجَزَاءِ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ, وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ الْمُجَازَاةَ عَلَى ذَلِكَ حَسَنَةٌ مِنَ الْمَخْلُوقِ فَكَيْفَ مِنَ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
قُلْتُ وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ لَكَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ النَّظَرِ فِي بَعْضِ مَا عَدَّهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَإِنَّ الْفَاعِلَ وَالزَّارِعَ إِذَا أُطْلِقَا بِدُونِ مُتَعَلِّقٍ وَلَا سِيَاقٍ يَدُلُّ عَلَى وَصْفِ الْكَمَالِ فِيهِمَا فَلَا يُفِيدَانِ مَدْحًا, أَمَّا سِيَاقِهَا مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا فَهِيَ صِفَاتُ كَمَالٍ وَمَدْحٍ وَتَوَحُّدٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الْأَنْبِيَاءِ: 104] وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ، أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الْوَاقِعَةِ: 36-64] الْآيَاتِ بِخِلَافِ مَا إِذَا عُدَّتْ مُجَرَّدَةً عَنْ مُتَعَلَّقَاتِهَا وَمَا سِيقَتْ فِيهِ وَلَهُ, وَأَكْبَرُ مُصِيبَةٍ أَنْ عَدَّ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى رَابِعَ ثَلَاثَةٍ وَسَادِسَ خَمْسَةٍ مُصَرِّحًا قَبْلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَفِي سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ اسْمَانِ, فَذَكَرَهُمَا وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ فَإِنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا تَقْتَضِيهِ بِوَجْهٍ لَا مَنْطُوقًا وَلَا مَفْهُومًا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [الْمُجَادَلَةِ: 8] الْآيَةَ وَأَيْنَ فِي هَذَا السِّيَاقِ رَابِعُ ثَلَاثَةٍ سَادِسُ خَمْسَةٍ؟ وَكَانَ حَقُّهُ اللَّائِقُ بِمُرَادِهِ أَنْ يَقُولَ: رَابِعُ كُلِّ ثَلَاثَةٍ فِي نَجْوَاهُمْ وَسَادِسُ كُلِّ خَمْسَةٍ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ أَفْعَالَهُمْ وَيَسْمَعُ أَقْوَالَهُمْ كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ صَدْرِ الْآيَةِ وَلَكِنْ لَا يَلِيقُ بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَّا سِيَاقُ الْآيَةِ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ دَلَالَةَ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى حَقٌّ عَلَى حَقِيقَتِهَا مُطَابَقَةً وَتَضَمُّنًا وَالْتِزَامًا, فَدَلَالَةُ اسْمِهِ تَعَالَى "الرَّحْمَنِ" عَلَى ذَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ مُطَابَقَةً وَعَلَى صِفَةِ الرَّحْمَةِ تَضَمُّنًا وَعَلَى الْحَيَاةِ وَغَيْرِهَا الْتِزَامًا وَهَكَذَا سَائِرُ أَسْمَائِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى, وَلَيْسَتْ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَهُ كَمَا يَقُولُهُ الْمُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ, تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا, فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ جل هُوَ الْإِلَهُ وَمَا سِوَاهُ عَبِيدٌ وَهُوَ الرَّبُّ وَمَا سِوَاهُ مَرْبُوبٌ وَهُوَ الْخَالِقُ وَمَا

اسم الکتاب : معارج القبول بشرح سلم الوصول المؤلف : الحكمي، حافظ بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 119
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست