الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة"1.
ولا بد لنا هنا من بيان معنى العرش في اللغة، ومفهومه عند العرب الذين بلغتهم نزل القرآن وخاطبنا الله بها فنقول: العرش في اللغة:
هو عبارة عن سرير الملك ومنه قوله تعالى: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} 2 وعرش البيت سقفه، ومنه قوله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} 3 أي: على سقوفها، ويأتي لمعنى الملك يقال: ثل عرشه على ما لم يسم فاعله أي: زال ملكه وذهب عزه.
قال زهير:
تداركتما الأحلاف قد ثل عرشها ... وذبيان إذ زلت بأحلامها النعل4
والمراد بالعرش في الآيات والأحاديث النبوية هو المعنى الأول وهو: السرير وهذا المعنى معروف عند العرب.
جاء في تهذيب اللغة: "العرش في كلام العرب، سرير الملك يدلك على ذلك سرير ملكة سبأ سماه الله ـ جل وعز ـ عرشاً فقال: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} 5.
وما جاء في كلام بعض أهل اللغة من أن المراد بالعرش الملك لا يعني أن الملك يكون بدون عرش، فالملك تبع للعرش فإذا ذهب العرش ذهب الملك.
وقال في القاموس: "العرش عرش الله ولا يحد"6، لعل قصد صاحب القاموس بقوله: "لا يحد" أي: لا يوصف بغير ما وصفه الله به في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
1- 2/136.
2- سورة النمل آية: 23.
3- سورة البقرة آية: 259.
4- الصحاح 3/1010، لسان العرب 6/313، القاموس 2/288.
5- تهذيب اللغة 1/414، والآية رقم 23 من سورة النمل.
6- القاموس 2/288.