responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث العقيدة في سورة الزمر المؤلف : ناصر بن علي عائض حسن الشيخ    الجزء : 1  صفحة : 660
الجواب أبلغ عند أهل العلم، قال أبو الفتح ابن جني1 وأصحابنا يدفعون زيادة الواو ويرون أن الجواب محذوف للعلم به.
قال ابن القيم: "بقي أن يقال: فما السر في حذف الجواب في آية أهل الجنة، وذكره في آية "أهل النار"؟ فيقال: هذا أبلغ في الموضعين فإن الملائكة تسوق أهل النار إليها وأبوابها مغلقة حتى إذا وصلوا إليها فتحت في وجوههم فيفجأهم العذاب بغتة فحين انتبهوا إليها فتحت أبوابها بلا مهلة، فإن هذا شأن الجزاء المرتب على الشرط أن يكون عقيبه فإنها دار الإهانة والخزي فلم يستأذن لهم في دخولها، ويطلب إلى خزنتها أن يمكنوهم من الدخول".
وأما الجنة فإنها دار الله ودار كرامته، ومحل خواصه وأوليائه فإذا انتهوا إليها صادفوا أبوابها مغلقة فيرغبون إلى صاحبها ومالكها أن يفتحها لهم ويستشفعون إليه بأولي العزم من رسله، وكلهم يتأخر عن ذلك حتى تقع الدلالة على خاتمهم وسيدهم، وأفضلهم فيقول أنا لها فيأتي إلى تحت العرش ويخر ساجداً لربه فيدعه ما شاء الله أن يدعه ثم يأذن له في رفع رأسه وأن يسأله حاجته فيشفع إليه ـ سبحانه ـ في فتح أبوابها فيشفعه ويفتحها تعظيماً لخطرها، وإظهاراً لمنزلة رسوله وكرامته عليه، وإن مثل هذه الدار التي هي دار ملك الملوك ورب العالمين إنما يدخل إليها بعد تلك الأهوال العظيمة التي أولها من حين عقل العبد في هذه الدار إلى أن انتهى إليها، وما ركبه من الأطباق طبقاً بعد طبق وقاساه من الشدائد شدة بعد شدة حتى أذن الله ـ تعالى ـ لخاتم أنبيائه ورسله وأحب خلقه إليه أن يشفع إليه في فتحها لهم، وهذا أبلغ وأعظم في تمام النعمة وحصول الفرح والسرور مما يقدر بخلاف ذلك لئلا يتوهم الجاهل أنها بمنزلة الخان الذي يدخله من شاء، فجنة الله عالية غالية، بين الناس وبينها من العقبات والمفاوز والأخطار مالا تنال إلا به، فما لمن أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ولهذه الدار فلبعد عنها إلى ما هو أولى به، وقد خلق له وهيئ له، وتأمل ما في سوق الفريقين إلى الدارين زمراً من فرحة هؤلاء بإخوانهم وسيرهم معهم كل زمرة على حدة كل مشتركين في عمل متصاحبين فيه على زمرتهم وجماعتهم مستبشرين أقوياء القلوب كما كانوا في الدنيا وقت اجتماعهم على الخير، كذلك يؤنس بعضهم بعضاً ويفرح بعضهم

1- هو: عثمان بن جني الموصلي أبو الفتح من أئمة الأدب والنحو. توفي سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. انظر ترجمته في: "وفيات الأعيان 1/313، بغية الوعاة 2/132، شذرات الذهب 3/140".
اسم الکتاب : مباحث العقيدة في سورة الزمر المؤلف : ناصر بن علي عائض حسن الشيخ    الجزء : 1  صفحة : 660
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست