ظللاً1. جاء في تفسير البغوي حول هذه الآية {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ} أي: "أطباق وسرادقات من النار ودخانه {وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} فراش ومهاد من نار إلى أن ينتهي إلى القعر سمي الأسفل ظللاً لأنها ظلل لمن تحتهم" أ. هـ2.
وأما الآية الثانية والثالثة: من مجموعة الآيات المتقدمة وهما قوله تعالى: {كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} .
فهاتان الآيتان: فيهما بيان أن الأمم السابقة كذبت الرسل الذين أرسلهم الله إليهم كما فعل الكافرون من قريش مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله بهم ألواناً من العذاب في الحياة الدنيا من الخسف والمسخ والإغراق، والتدمير، وجاءهم ذلك العذاب من جهة ما كانت تخطر على بالهم، وبسبب لم يكونوا يتوقعون أن يصل بهم إلى تلك النتيجة المؤلمة"3.
ثم فصل الله ذلك العذاب الذي أنزله بهم في الدنيا، وما سيحل بهم من العذاب الشديد في الأخرى.
فقال تعالى: {فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بما أنزله بهم من العذاب والنكال والذل والهوان وتشفي المؤمنين بهم. وفي هذا تحذير شديد لمن كذب خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
وأما العذاب الذي سيلحقهم في الأخرى فقد بينه بقوله تعالى: {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ} أي: ولعقاب الله لهم في الدار الثانية الباقية أكبر وأشد وأنكى وآلم وأبقى.
قال ابن جرير عند قوله تعالى: {فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} .
يقول تعالى ذكره: "فعجل الله لهؤلاء الأمم الذين كذبوا رسلهم الهوان في الدنيا، والعذاب قبل الآخرة ولم ينظرهم إذا عتوا عن أمر ربهم ولعذاب الآخرة أكبر".
1- جامع البيان 23/205.
2- معالم التنزيل على حاشية "تفسير الخازن" 6/59، وانظر زاد المسير لابن الجوزي 7/169، وانظر روح المعاني للألوسي 23/251.
3- تفسير البيضاوي ص 610.