responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث العقيدة في سورة الزمر المؤلف : ناصر بن علي عائض حسن الشيخ    الجزء : 1  صفحة : 362
وقال أبو سليمان1 الخطابي معلّقاً على قصة جبير بن مطعم: "إنما كان إنزعاجه عند سماع هذه الآية لحسن تلقيه معنى الآية ومعرفته بما تضمنته من بليغ الحجة فاستدركها بلطف طبعه واستنشق معناه بزكي فهمه ... واختار الخطابي في معنى {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} فوجدوا بلا خالق، وذلك ما لا يجوز أن يكون لأن تعلق الخلق بالخالق من ضرورة الأمر فلا بد له من خالق، فإذ قد أنكروا الإله الخالق، ولم يجز أن يوجدوا بلا خالق خلقهم، أفهم الخالقون لأنفسهم؟ وذلك في الفساد أكثر وفي الباطل أشد، لأن ما لا وجود له كيف يجوز أن يكون موصوفاً بالقدرة؟ وكيف يخلق؟ وكيف يتأتى منه الفعل؟ وإذا بطل الوجهان معاً قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقاً، فليؤمنوا به. ثم قال سبحانه {أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ} وذلك شيء لا يمكنهم أن يدعوه بوجه فهم منقطعون، والحجة قائمة عليهم" أ. هـ2.
وهذا الذي قرره الله في هذه الآيات لا يمكن الكفار أن يدعوه، والفائدة من ذكره والسؤال عنه قطع الحجاج والخصام، إذ قد يوجد جاحد مكابر يقول: "أنا خلقت نفسي" كما زعم مثيل له من قبل أنه يحيي ويميت {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} . وكان الجواب عليه سؤالاً آخر أبان عجزه وكذبه في زعمه الأول {قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} فكانت النتيجة {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} 3.
فإذا كان العدم لا يوجد سماءاً ولا أرضاَ، وإذا كانت السماء والأرض لم توجدا نفسيهما، وإذا كان الملاحدة لا يستطيعون ادعاء ذلك كله فإنه لا بد لهذا كله من موجد وهذا الموجد ليس إلا الله تعالى. قال تعالى: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، وَأَنْزَلَ لَكُمْ

1- هو: حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البستي أبو سليمان فقيه، محدث من أهل "بست" من بلاد "كابل" من نسل زيد بن الخطاب ولد سنة تسع عشرة وثلاثمائة، وتوفي سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة هجرية. انظر ترجمته في "وفيات الأعيان 1/166 خزانة الأدب 1/282 الأعلام للزركلي 2/304".
2- ذكره عنه البيهقي في كتابه "الأسماء والصفات" ص495 ـ 496.
3- سورة البقرة آية: 258.
اسم الکتاب : مباحث العقيدة في سورة الزمر المؤلف : ناصر بن علي عائض حسن الشيخ    الجزء : 1  صفحة : 362
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست