وقيل هو الاستبشار بجود وفضل الرب ـ تبارك وتعالى ـ والارتياح لمطالعة كرمه ـ سبحانه ـ.
وقيل: هو الثقة بجود الرب ـ تعالى ـ1.
وقال الجرجاني: "الرجاء في اللغة: الأمل وفي الاصطلاح تعلق القلب بحصول محبوب في المستقبل"أ. هـ2.
والذي نستفيده من تعريف الرجاء في اللغة والاصطلاح أن الرجاء هو الأمل في الخير وترقب حصوله وانتظاره ممن يملكه ويقدر على تحقيقه لمن أمله فيه ورجاه منه، ولا يكون ذلك إلا من الله ـ جل وعلا ـ فعلى العبد أن يجعل قلبه معلقاً بالله خوفاً ورجاءاً فلا يرجو إلا الله ـ تعالى ـ وحده لا شريك له، ولا يجوز للإنسان أن يرجو سواه فيما لا يقدر عليه إلا هو ـ سبحانه وتعالى ـ كما يفعله الذين ينادون الأموات، أو غيرهم رجاء حصول مطالبهم من جهتهم لأن هذا شرك أكبر إذ الرجاء نوع من أنواع العبادات التي لا يستحقها إلا الله ـ جلا وعلا ـ فلا رجاء إلا في الله ـ تعالى ـ وقد دلت سورة "الزمر" على أن الرجاء عبادة، وأنه حق من حقوق الله ـ تعالى ـ على خلقه في آية واحدة منها قال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} .
هذه الآية من السورة فيها مقابلة بين العامل بطاعة الله وغيره وبين العالم والجاهل، وهذه الأمور متقرر في العقول تباينها وتفاوتها، فليس المعرض عن طاعة الله والذي يتبع هواه كمن هو مطيع بأفضل العبادات، وهي الصلاة في أفضل الأوقات وهو الليل فوصفه بكثرة العمل وأفضله، ثم وصفه بالخوف والرجاء وذكر ـ تعالى ـ أن متعلق الخوف عذاب الآخرة على ما سلف من الذنوب، وأن متعلق الرجاء رحمة الله، فوصفه بالعمل الظاهر والباطن، فعلى العبد أن يكون في عبادته خائفاً من عقاب الله راجياً لرحمته، ولا بد من الجمع بين الخوف والرجاء في العبادة، وفي الآية رد على من ذم العبادة خوفاً من النار أو رجاء الجنة.
1- مدارج السالكين 2/35.
2- كتاب التعريفات ص101.