واقتداءً بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولقد حقق الصحابة عبودية الخوف على أكمل وجه وأتمه فهذا هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع قارئاً يقرأ سورة الطور حتى بلغ {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} [1] بكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه 2.
وهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه كان إذا وقف على قبر يبكي حتى يبل لحيته فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتبكي من هذا. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن القبر أول منزل من منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، فإن لم ينج منه فما بعده أشد منه" 3.
والمأثور عن الصحابة من هذا كثير يطول تتبعه وقد ذكر العلامة ابن القيم نماذج عنهم رضي الله عنهم في تحقيقهم عبودية الخوف في كتابه "الجواب الكافي" [4] والذي نخلص إليه مما تقدم من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية أن الخوف عبادة لله ـ تعالى ـ فرضهُ الله تعالى على جميع عباده، فلا يخاف المخلوق من المخلوق خوف السر لأن ذلك لله ـ وحده لا شريك له ـ لأنه تعالى هو الذي يملك النفع والضر دون سواه وما دام الأمر كذلك فهو وحده المتعبد بذلك. [1] - سورة الطور آية: 7.
2- تفسير ابن كثير 6/430.
3- سنن الترمذي 3/379. [4] - انظر ص43. وما بعدها.